هل الإنشغال في وقت العمل الرسمي بأعمال خاصة حرام؟.. الإفتاء توضح

ما حكم الإنشغال في وقت العمل الرسمي بأعمال خاصة؟، سؤال أجابته دار الإفتاء من خلال موقعها الرسمي.
هل الإنشغال في وقت العمل الرسمي بأعمال خاصة حرام؟
وقالت: فالموظفون والعاملون هم أُجَرَاءُ لأوقات معينة على أعمال معينة يتعاقدون عليها ويأخذون عليها أجرًا، وهذا الأجر في مقابل احتباسِهم أنفسَهم واستقطاعِهم جزءًا معينًا من وقتهم لصرفه في هذا العمل، فليس لهم أن يقوموا بأيّ عمل آخر مِن شأنه أن يأخذ من وقتهم أو يُؤثِّر على جودة أدائهم في عملهم، ما لم يكن متَّفقًا عند التعاقد على استقطاع شيء من الوقت؛ وباستثناء ما جرى عُرف العمل على استثنائه؛ كأوقات الراحة، والصلوات المفروضة؛ فإذا صَرَف العامل وقت عمله في غير ما تعاقد عليه كان مُخِلًّا بعقده، مستوجبًا للذم شرعًا.
قال العلاَّمة البجيرمي الشافعي في "حاشيته على شرح منهج الطلاب": [وأوقاتُ الصلوات الخمس، وطهارتُها، وراتبتُها، وزمنُ الأكل، وقضاء الحاجة: مُستَثناةٌ من الإجارة؛ فيصليها بمحله، أو بالمسجد إذا استوى الزَّمَان في حَقِّه، وإلا تعين مَحَلُّه].
وتابعت: إذا ما انشغل العامل والموظف في أوقات العمل الرسمية عن الأعمال المكلف بها بأعمال أخرى فإنَّه قد يلحق بالجهة التي يعمل بها ضررًا من تفويت الوقت عليها، وعدم إنجاز المطلوب، وهذا أمر منهي عنه شرعًا، ويدل لهذا ما رواه ابن ماجه في "سننه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَار».
قال الإمام الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" عند شرح هذا الحديث: [يحتمل أن يريد به التأكيد، فيكون معنى الضرر والضرار واحدًا، واختار ابن حبيب هذا القول، ويحتمل أن يريد به: لا ضرر على أحد؛ بمعنى أنه لا يلزمه الصبر عليه، ولا يجوز له إضراره بغيره، وقال الخشني: الضرر: هو ما لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة، والضرار: ما ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة؛ ومعنى ذلك والله أعلم: أن الضرر ما قصد الإنسان به منفعة نفسه وكان فيه ضرر على غيره، وأن الضرار ما قصد به الإضرار لغيره؛ قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: 107]، ويحتمل عندي أن يكون معنى الضرر: أن يضر أحد الجارين بجاره، والضرار: أن يضر كل واحد منهما بصاحبه؛ لأن هذا البناء يُسْتَعْمَل كثيرًا بمعنى المفاعلة؛ كالقتال، والضراب، والسِّباب، والجلاد، والزحام، وكذلك الضرار].
وعلى أيٍّ من هذه التأويلات المذكورة فإنَّ انشغال العامل عن العمل في وقت العمل الرسمي وعدم قيام بالأعمال المكلف بها على الوجه المطلوب سيكون من مشمولات النهي الوارد في الحديث الشريف؛ لأنه سيؤدي إلى إيقاع الضرر بالغير.
وقد صرَّح الفقهاء بأن الأجير الخاص ليس له أن يعمل لغير مُستأجِره إلَّا بإذنه، وإلَّا نقص من أجره بقدر ما عمل. ولو عمل لغيره مجَّانًا في مدة عمله أسقط صاحب العمل من أجره بقدر قيمة ما عمل.