الطمع صهرها.. كيف أنهت الداخلية حكاية سرقة الإسورة من المتحف المصري؟

لم تمض سوى ساعات قليلة على تلقي وزارة الداخلية بلاغاً من داخل المتحف المصري بالتحرير باختفاء أسورة أثرية ذهبية تعود للعصر المتأخر، حتى تحركت أجهزة الأمن في سباق مع الزمن، لتبدأ واحدة من أسرع القضايا التي كشفت براعة البحث الجنائي في تتبع أثر قطعة تاريخية نادرة، حتى بعد أن تحولت إلى مجرد سبيكة في مسبك ذهب.

بداية البلاغ كان إنذار في قلب المتحف
في الثالث عشر من سبتمبر، تقدم وكيل المتحف المصري وأخصائي الترميم ببلاغ رسمي بعد اكتشافهما اختفاء الأسورة من داخل الخزينة الحديدية بمعمل الترميم، كانت الصدمة كبيرة، لكن الأهم هو أن البلاغ دون بدقة توقيت الواقعة وظروف اختفاء القطعة، وهو ما منح أجهزة الأمن نقطة بداية قوية للتحقيق.

تشكيل فريق بحث عاجل
وزارة الداخلية لم تتأخر لحظة، على الفور جرى تشكيل فريق بحث رفيع المستوى من مباحث الآثار وقطاع الأمن العام، وبدأت عملية فحص شاملة لكل ما يتعلق بالأسورة، تم جمع بيانات الموظفين القريبين من مكان حفظ القطعة، ومراجعة كاميرات المراقبة داخل المعمل والممرات المؤدية إليه.
خلال 48 ساعة فقط، بدأت الخيوط تنسج ملامح أولية للجريمة، حيث الكاميرات أظهرت تحركات إحدى أخصائيات الترميم، وهو ما دفع الفريق الأمني لوضعها تحت دائرة الشك.

كشف خيانة الأمانة
بتضييق دائرة الاشتباه، وجمع المعلومات من زملائها، تبين أن الأخصائية كانت آخر من دخل الخزينة قبل اختفاء الأسورة. التحريات الدقيقة أثبتت أنها استغلت وجودها في المعمل يوم 9 سبتمبر، أي قبل أربعة أيام من البلاغ، وقامت بخطف القطعة بأسلوب المغافلة، مستغلة وظيفتها التي يفترض أنها أخصائية ترمير للأثر.

تتبع مسار الأسورة خارج المتحف
الأجهزة الأمنية لم تكتفي بكشف السارق الأول، بل واصلت تتبع مسار الأسورة خطوة بخطوة، بالتحري حول دائرة معارف الأخصائية، تبين أنها تواصلت مع قريب لها، صاحب محل فضيات في منطقة السيدة زينب.
من هنا تحرك فريق آخر لمراقبة المحل، وبالتحقيق السري تبين أن صاحب المحل تسلم الأسورة بالفعل وباعها لتاجر مشغولات ذهبية بمبلغ 180 ألف جنيه.

من التاجر إلى المسبك
لم يتوقف التتبع عند هذا الحد، فبتكثيف التحريات حول التاجر، اتضح أنه باع الأسورة مرة أخرى لعامل في مسبك ذهب بالصاغة مقابل 194 ألف جنيه، وقد اعترف العامل لاحقاً أنه قام بصهرها ودمجها مع مصوغات أخرى لإعادة تشكيلها، في محاولة لطمس معالمها الأثرية نهائياً.

ضبط المتورطين واستعادة أموال الجريمة
سرعة التحرك الأمني حالت دون إفلات الجناة، فبمجرد تحديد مسار البيع، تقررت مداهمة المحال والمسبك وضبط جميع المتورطين، والتي كان المتهم الرئيسي هي أخصائية الترميم والتي أقرت بجريمتها، والثاني هو صاحب محل الفضيات الذي كشف عن دوره كوسيط، بينما التاجر والعامل أقرا بتفاصيل البيع والصهر.
الأجهزة الأمنية نجحت كذلك في ضبط المبالغ المالية التي حصل عليها المتهمون، لتكون دليل يربط جميع الأطراف بالجريمة.
براعة رجال الأمن
منذ لحظة تلقي البلاغ وحتى ضبط الجناة لم يمر سوى أيام قليلة، كان خلالها الفريق الأمني يعمل على مدار الساعة، مستخدماً التكنولوجيا الحديثة من مراجعة كاميرات المراقبة، إلى جمع التحريات الميدانية، وصولاً لتتبع مسار الأموال الناتجة عن بيع الأسورة وضبط المتهمين ومثُولهم أمام جهات التحقيق.