موجة جديدة من الاحتجاجات في فرنسا ضد السياسات الاقتصادية

تشهد فرنسا اليوم الخميس، موجة جديدة من الاحتجاجات ضد السياسات الاقتصادية والميزانية العامة، تزامنًا مع إضراب عام ومسيرات واسعة في مختلف المدن الفرنسية، ورغم التوقعات بتصعيد واسع، اعتبرت السلطات أن بعض أشكال الاحتجاج جاءت أقل حدة مما كان متوقعًا في بداية اليوم.
تسليط الضوء على التوتر بين الشارع والحكومة
وكشفت الأرقام الرسمية والمرصودة ميدانيًا حجم التوتر القائم بين الشارع الفرنسي و الحكومة، حيث أظهرت الاحتجاجات وجود غضب شعبي يعكس عدم الرضا عن السياسات الاقتصادية الحالية.
بدأت المسيرات في العديد من المدن الفرنسية في ساعات الصباح الأولى، بما في ذلك نيس، لوهافر، أفينيون، وشيربورغ، وفي باريس، يتوقع أن يشارك بين 50 ألفًا و100 ألف متظاهر في المسيرة التي ستنطلق في الساعة الثانية ظهرًا من ساحة الباستيل، وصولًا إلى ساحة الأمة عبر ساحة الجمهورية.
أما في مارسيليا، فقد خرج الآلاف للاحتجاج في المرفأ القديم، في وقت أعلنت فيه السلطات عن 250 تجمعًا مُصرَّحًا به في عموم فرنسا، مع توقعات بمشاركة 800 ألف شخص، وهو ما قد يجعل هذه الاحتجاجات واحدة من أكبر الحركات الاجتماعية منذ بداية ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون.
تأثير الإضرابات على القطاعات الحيوية
قطاع التعليم: أفاد اتحاد SNES-FSU، أكبر نقابات التعليم الثانوي في فرنسا، أن نسبة الإضراب في المدارس الثانوية بلغت 45%، وهو ما يعتبر تعبيرًا عن غضب عميق بسبب ظروف العودة المدرسية، تدهور الأجور، وتراجع مكانة المدرسة العامة.
القطاع الصحي: أغلقت حوالي 90% من الصيدليات أبوابها احتجاجًا على تخفيض الحوافز المتعلقة ببعض الأدوية، معتبرةً أن هذا القرار "كارثي للمهنة".
النقل العام: شهدت حركة النقل العام في باريس تعطيلًا، حيث تم تحديد تشغيل المترو مع توقف بعض الخطوط وإغلاق 10 محطات رئيسية، مثل "أوبرا" و"الباستيل" و"الجمهورية".
التوجهات السياسية والدعوات للانضباط
دعا جان-لوك ميلانشون، زعيم اليسار الراديكالي، أنصاره في مرسيليا إلى "أقصى درجات الانضباط"، وحث على تجنب أي تجاوزات قد تستغل لتبرير "العنف الأمني ضد الشعب"، من جهة أخرى، طالب فابيان روسيل، زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي، الحكومة بـ "الاستماع إلى صرخة الشعب"، محذرًا من أن فشل الحكومة في تحقيق تغييرات ملموسة قد يفاقم من الوضع.
نظمت السلطات تعزيزات أمنية واسعة لمواكبة هذه الاحتجاجات، حيث تم نشر مدرعة جديدة تدعى "السينتور"، المجهزة بكاميرات حرارية وقاذفات قنابل مسيلة للدموع، لتأمين التحركات ومنع حدوث أعمال عنف.
حصيلة الاحتجاجات.. 230 تحركًا و58 اعتقالًا
بحسب وزارة الداخلية الفرنسية، شهدت البلاد 230 تحركًا في الشوارع منذ الصباح، إضافة إلى 95 محاولة تعطيل شارك فيها نحو 10 آلاف شخص.
وأسفرت التحركات عن 58 حالة اعتقال، منها 11 في العاصمة باريس، ورغم أن بعض المراقبين وصفوا التعبئة بأنها أقل حدة مما توقعت النقابات، فإن حجم المشاركة في المدن الكبرى والإضرابات القطاعية، إضافة إلى تعطيل المؤسسات، يعكس استمرار أزمة الثقة بين الشارع والحكومة.