روشتة الخبراء لمواجهة ظاهرة التنمر: «التلاحم بين البيت والمدرسة هو الحل»

أصبح التنمر واحدًا من أبرز التحديات التربوية والاجتماعية التي تهدد الأطفال والمراهقين في مختلف المجتمعات، حيث لا تقتصر آثاره على إضعاف ثقة الضحية بنفسه، بل تمتد لتؤثر على تحصيله الدراسي وصحته النفسية.
وفي هذا السياق، شدد خبراء في علم الاجتماع والتربية على أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب خطة متكاملة تبدأ من داخل الأسرة والمدرسة، مع تفعيل دور الإعلام والمجتمع المحلي، مؤكدين أن الاحتواء الأسري والتواصل المستمر بين البيت والمدرسة يمثلان خط الدفاع الأول لحماية الطفل من تداعياتها الخطيرة.
مواجهة التنمر تبدأ من الأسرة
أكدت الدكتورة عزة فتحي، أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن قضية التنمر من القضايا الخطيرة التي يتعرض لها معظم الأطفال والمراهقين على مستوى العالم، مشيرة إلى أن دراسات عديدة أوضحت أن نسبًا كبيرة من الطلاب في الولايات المتحدة وأوروبا يتعرضون لممارسات تنمر دفعت مؤسسات التعليم هناك للتعاون مع الشرطة والمجتمع المحلي في إعداد برامج توعية للطلاب تحت عناوين تشجيعية مثل "أنت عظيم" بهدف تعزيز ثقة المراهق بنفسه وحمايته من الضغوط.
وشددت "فتحي" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم "، على أن مواجهة التنمر في مصر تتطلب خطة متكاملة تبدأ من داخل المدرسة من خلال إدراج القضية ضمن المناقشات الصفية، مع تفعيل دور الاجتماعات الدورية بين المدرسة وأولياء الأمور، مؤكدًة علي أهمية وجود دفتر يومي لتوثيق سلوكيات الطفل وملاحظات المعلمين، حتى يكون ولي الأمر على دراية كاملة بما يحدث مع ابنه.
وأضافت استاذ علم الاجتماع، أن من الضروري أن يتضمن الحوار الأسري قبل بداية العام الدراسي جلسات بين الأبوين والطفل لتعريفه بكيفية التعامل إذا تعرض لأي نوع من السخرية أو المضايقة سواء لشكل ملابسه، أو أدواته، أو حتى مظهره.
واشارت، إلى أهمية دمج موضوع التنمر في حصص الدين، والتربية الوطنية، وعلم الاجتماع، والتربية الأسرية، إلى جانب تفعيل دور الإعلام وخاصة البرامج الموجهة للأسرة والمرأة في توعية المجتمع بخطورة الظاهرة.
ولفتت إلى أهمية الاستعانة بالأخصائي النفسي والاجتماعي داخل المدرسة، وتدريب المعلمين على كيفية رصد السلوكيات المرتبطة بالتنمر والتعامل معها، موضحًة أن التنمر يتزايد بشكل ملحوظ في مرحلة المراهقة، ولا يقتصر على الشكل الخارجي للطفل أو حالته الاقتصادية، بل قد يمتد إلى التنمر على أولياء الأمور أنفسهم.
التنمر يهدد شخصية الطفل
فيما حذرت الدكتورة إيمان الريس، المستشار التربوي والنفسي، من الآثار السلبية الخطيرة التي يتركها التنمّر على شخصية الطفل، مؤكدة أن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى انخفاض ثقته بنفسه وشعوره بالدونية، فضلًا عن ميله للانسحاب والعزلة وضعف تحصيله الدراسي نتيجة القلق المستمر.
وأضافت "الريس" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم "، أن بعض الأطفال قد يلجأون إلى سلوك عدواني كرد فعل على التنمر، بينما يتطور الأمر عند آخرين إلى اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، مشيرًة إلى أن أخطر ما يسببه التنمّر هو تشويه صورة الذات عندما يصدّق الطفل الكلمات السلبية التي تُوجّه له.
والأسرة خط الدفاع الأول
وشددت، على أن الأسرة هي خط الدفاع الأول لحماية الطفل، موضحًة أن الاستماع والاحتواء أهم ما يحتاجه الطفل في هذه المرحلة، مع ضرورة تعزيز ثقته بنفسه وتشجيعه على المشاركة في أنشطة تنمّي قدراته.
ودعت المستشار التربوي والنفسي، إلى تعليمه مهارات المواجهة، مثل قول “توقف” بثقة أو تجاهل المتنمر في المواقف البسيطة، واللجوء لشخص بالغ عند الحاجة.
وأكدت على أهمية التواصل المستمر بين الأسرة والمدرسة لمتابعة الموقف، وتقديم الأهل نموذجًا إيجابيًا في التعامل مع المواقف الصعبة، مشيرًة إلى أن بعض الحالات قد تستلزم تدخلًا نفسيًا متخصصًا.