هل يهدد تدخل "ميتا" في السياسة توازن المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي؟

في خطوة غير مسبوقة، كشف تقرير حديث أن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، أنشأ لجنة دعم سياسي (Super PAC) خاصة تحمل اسم "تحفيز التحول الاقتصادي عبر كاليفورنيا" أو اختصارًا "META"، بهدف توسيع نفوذ شركته في المشهد السياسي الأمريكي، لا سيما في قضايا تنظيم الذكاء الاصطناعي.
ووفقًا لتصريحات نقلها موقع The Verge، تخطط اللجنة لإنفاق عشرات الملايين من الدولارات على الإعلانات السياسية ودعم مرشحين من مختلف الأحزاب، بشرط أن يتبنوا سياسات داعمة لتطوير الذكاء الاصطناعي في ولاية كاليفورنيا، التي تُعد مركزًا عالميًا لصناعة التكنولوجيا.
دوافع التحرك السياسي
يأتي هذا التحرك في ظل تصاعد المنافسة بين شركات التكنولوجيا الكبرى على قيادة قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى "ميتا" إلى تعزيز موقعها في مواجهة منافسين مثل "OpenAI" و"تسلا". ويُنظر إلى المشاركة السياسية كوسيلة استراتيجية لضمان تأثير مباشر في التشريعات والتنظيمات التي قد تؤثر على مستقبل الابتكار.
وفي بيان رسمي، قال براين رايس، نائب رئيس السياسات العامة في "ميتا"، إن الهدف من إطلاق اللجنة هو دعم مرشحين "يدركون أهمية دور كاليفورنيا في تطوير الذكاء الاصطناعي، ويتبنون سياسات تُبقي الولاية في صدارة النظام التقني العالمي".
صراع بين الابتكار والتنظيم
أعربت "ميتا" عن قلقها من البيئة التنظيمية في العاصمة ساكرامنتو، مشيرة إلى أن بعض التشريعات المقترحة قد تعرقل الابتكار وتحد من تقدم الذكاء الاصطناعي، مما يهدد مكانة كاليفورنيا كمركز عالمي للتكنولوجيا.
وقد سبق للشركة أن مارست ضغوطًا سياسية ضد مشاريع قوانين مثل SB-53، الذي يطالب شركات الذكاء الاصطناعي بالكشف عن بروتوكولات الأمان والشفافية.
نفوذ غير تقليدي
ما يميز لجنة "META" عن غيرها من لجان الدعم السياسي هو أنها تعمل حصريًا لخدمة مصالح شركة واحدة، وهي "ميتا"، التي يتحكم فيها زوكربيرغ بشكل كامل بفضل هيكل ملكيتها الفريد.
ويُعد هذا النموذج نادرًا في عالم التمويل السياسي، حيث غالبًا ما تدّعي اللجان تمثيل مصالح صناعية أو مجتمعية أوسع.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه وادي السيليكون توجهًا متزايدًا نحو الانخراط السياسي، مع مساهمات كبيرة من كبار التنفيذيين في الحملات الانتخابية، خاصة مع اقتراب انتخابات حاكم ولاية كاليفورنيا لعام 2026، التي قد تشهد دخول "ميتا" كلاعب رئيسي في تشكيل نتائجها.
يذكر أن شركة ميتا، المعروفة سابقًا باسم "فيسبوك"، هي واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، ويقع مقرها الرئيسي في مينلو بارك، كاليفورنيا. تأسست عام 2004 على يد مارك زوكربيرغ وزملائه في جامعة هارفارد، بهدف إنشاء شبكة اجتماعية تربط الناس حول العالم.
ومع توسعها السريع، استحوذت الشركة على منصات شهيرة مثل إنستغرام وواتساب، لتصبح قوة رقمية متعددة المنصات.
في أكتوبر 2021، أعلنت الشركة تغيير اسمها إلى "ميتا" لتعكس تحولها الاستراتيجي نحو بناء عالم الميتافيرس—وهو بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد تهدف إلى إعادة تعريف التفاعل الرقمي بين البشر.
هذا التوجه الجديد يشمل تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز، من خلال أجهزة مثل نظارات "Ray-Ban Meta" وسماعات "Meta Quest".
تعمل ميتا من خلال قسمين رئيسيين:
- عائلة التطبيقات (FOA): وتشمل فيسبوك، إنستغرام، ماسنجر، وواتساب.
- مختبرات الواقع (Reality Labs): وتضم مشاريع الواقع الافتراضي والمعزز، بالإضافة إلى تطوير الذكاء الاصطناعي.
تُعد ميتا من أبرز اللاعبين في سوق الإعلانات الرقمية، حيث تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاستهداف المستخدمين وتخصيص المحتوى.
كما خصصت الشركة استثمارات ضخمة تجاوزت 65 مليار دولار لتوسيع بنيتها التحتية السحابية، خاصة في مراكز البيانات التي تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ورغم التحديات التنظيمية والانتقادات المتعلقة بالخصوصية، تواصل ميتا تعزيز مكانتها في الاقتصاد الرقمي العالمي، وتسعى لتكون في طليعة الابتكار في مجالات التواصل الاجتماعي، الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، مما يجعلها لاعبًا محوريًا في تشكيل مستقبل التكنولوجيا.