عاجل

مساجد تاريخية|جامع عمرو بن العاص.. شاهد ميلاد الإسلام في مصر

مسجد عمرو بن العاص
مسجد عمرو بن العاص

في قلب منطقة الفسطاط بالقاهرة القديمة، يقع جامع عمرو بن العاص أول منارة إسلامية في مصر وأفريقيا، وشاهدًا حيًا على بدايات دخول الإسلام إلى أرض الكنانة. إنه المسجد الذي بُنيت على أعتابه أول عاصمة إسلامية في مصر، وتحول عبر القرون إلى رمز روحي وثقافي وتاريخي لا تزال أصداؤه تتردد حتى اليوم.

أقدم جامع في مصر وإفريقيا

يُعد جامع عمرو بن العاص أول مسجد أُقيم في مصر، ويعود تاريخ تأسيسه إلى عام  21هـ / 641م على يد القائد والصحابي الجليل  عمرو بن العاص رضي الله عنه، بعد أن فتح مصر بأمر من الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. جاء بناء المسجد ليكون مركزًا دينيًا وإداريًا وعسكريًا للمسلمين في مدينة الفسطاط ، التي أصبحت آنذاك العاصمة الإسلامية الأولى لمصر.

بداية متواضعة و عظيمة الأثر

بدأ بناء المسجد بطريقة بسيطة تعكس روح الزهد والتواضع التي طبعت صدر الإسلام؛ فقد أُنشئ من جذوع النخل، وسُقّف بالجريد، دون أي مئذنة أو محراب. لم يكن المسجد مخصصًا للعبادة فحسب، بل كان مقرًا لاجتماع الجند والقادة، وملتقى للعلماء والصحابة، مثل الزبير بن العوام وعبادة بن الصامت، الذين ساهموا في بنائه.

تحولات معمارية عبر العصور

مع مرور الزمن، شهد جامع عمرو بن العاص العديد من التوسعات والتجديدات التي أجراها الحكام المسلمون في مختلف العصور، بدءًا من الدولة الأموية، ومرورًا بالعباسيين والفاطميين والمماليك، وصولًا إلى العصر الحديث. توسعت مساحته، وظهرت فيه الأعمدة الرخامية والمآذن والزخارف، إلا أنه حافظ في مجمله على طابع العمارة الإسلامية المبكرة.

ورغم أن الجزء الأكبر من هيئته الحالية يعود إلى ترميمات القرن العشرين، فإن المسجد لا يزال يحتفظ بروحه التاريخية وطابعه الإسلامي الأصيل، ويعد أحد أبرز المعالم الإسلامية في القاهرة.

ولا يزال جامع عمرو بن العاص حتى اليوم مقصدًا للزوار من مصر والعالم الإسلامي، ووجهة رئيسية للمصلين خاصة خلال شهر رمضان، حيث تُقام فيه الصلوات والموائد والفعاليات الدينية. كما يُعد موقعه داخل منطقة مصر القديمة نقطة التقاء بين التاريخ والدين والسياحة.

إرث خالد

ليس جامع عمرو بن العاص مجرد بناء عريق، بل هو جزء من ذاكرة الأمة الإسلامية، ومحطة مفصلية في تاريخ الحضارة الإسلامية في إفريقيا. لقد ظل لأكثر من أربعة عشر قرنًا شاهدًا على التحولات الكبرى التي شهدتها مصر، من الفتح الإسلامي إلى الدولة الحديثة، محتفظًا بمكانته كـ"الجامع العتيق"، وكنز من كنوز التاريخ المصري والإسلامي.

تم نسخ الرابط