ما حكم التيمم مع وجود المكياج للمرأة؟.. دار الإفتاء تجيب

كثُرت في الآونة الأخيرة تساؤلات النساء حول حكم التيمم مع وجود المكياج، خاصة في ظل الاعتماد اليومي على مستحضرات التجميل وحرص الكثيرات على الظهور بمظهر لائق أمام أزواجهن. ويأتي هذا التساؤل تحديدًا عند وقت الصلاة، حين يُطلب الوضوء، ما يستدعي إزالة هذه المساحيق التي قد تكون باهظة الثمن أو تستغرق وقتًا طويلًا لإعادة وضعها. فهل يُعد هذا سببًا شرعيًا يجيز التيمم بدلًا من الوضوء؟ وما موقف الشرع في هذه الحالة؟ في هذا المقال نستعرض بالتفصيل رأي دار الإفتاء المصرية حول حكم التيمم مع وجود المكياج، والضوابط الفقهية التي تنظّم هذا الأمر.
حكم التيمم مع وجود المكياج
أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى رسمية أن حكم التيمم مع وجود المكياج لا يندرج ضمن الأعذار الشرعية التي تبيح الانتقال من الوضوء إلى التيمم، إلا في حالات خاصة حددها الفقهاء، تتعلق بفقد الماء أو الضرر البالغ عند استعماله.
وأوضحت الدار أن الأصل في الطهارة هو استعمال الماء، ولا يُنتقل إلى التيمم إلا عند تعذر استخدام الماء، إما لفقده حقيقة، أو عند وجود مانع طبي يمنع استخدامه ويُسبب ضررًا بالغًا. أما مجرد وجود مساحيق التجميل (المكياج) على الوجه، فلا يُعد عذرًا شرعيًا يُجيز التيمم؛ بل يجب على المرأة إزالتها إن كانت تمنع وصول الماء إلى البشرة، ثم تتوضأ أو تغتسل كما هو مطلوب شرعًا.
التجمل لا يبرر ترك الوضوء
وفي سياق الفتوى، أكدت الدار أن الشريعة الإسلامية تحث المرأة على التزين والتجمل لزوجها، وهو أمر محمود ومطلوب شرعًا، لكنه لا يعفي من أداء الفرائض بالشروط التي وضعها الإسلام. وأضافت: "الزينة لا تُعد سببًا يُبيح ترك الوضوء، بل يجب على المرأة إزالة المكياج إن كان يمنع وصول الماء، ثم تعيد وضعه بعد الصلاة إن شاءت".
وشددت دار الإفتاء على أن المرأة إذا تيممت مع وجود الماء وقدرتها على استعماله، فإن تيممها غير صحيح، وبالتالي صلاتها باطلة ويجب عليها إعادتها. وأشارت إلى أن التيمم رخصة شرعية لا تُفعل إلا عند الضرورة، لقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، ولا يجوز التوسع فيها لغير ما شرع لها.
المكياج ونفاذ الماء
أوضحت الفتوى أن هناك فرقًا بين أنواع المكياج، فمنه ما هو خفيف لا يمنع وصول الماء، كالكريمات الرقيقة، وهذه لا تبطل الوضوء، ومنه ما يُشكل طبقة عازلة كثيفة تمنع نفاذ الماء إلى الجلد، وهذا يجب إزالته قبل الوضوء.
وأضافت أن حكم التيمم مع وجود المكياج يعتمد على مدى تأثير هذه المساحيق على نفاذ الماء. فإذا كان المكياج يمنع وصول الماء، فيجب إزالته، ولا يجوز التيمم بسببه إلا إذا صاحبه عذر شرعي كوجود مرض أو حساسية شديدة تحول دون استخدام الماء.
اختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن التيمم لا يُشرع لمجرد الحفاظ على المكياج أو توفير الوقت والجهد، بل هو رخصة مشروطة بفقد الماء أو الضرر من استعماله. ووجهت نصيحة إلى النساء بضرورة الجمع بين المحافظة على الزينة والالتزام بفرائض الدين، دون تفريط أو تجاوز.