عمرو أديب: علاقة مصر بـ «صندوق النقد» قصة حزينة مرتبطة دائمًا بزيادة الأسعار

تحدث الإعلامي عمرو أديب عن ملف من أكثر الملفات حساسية في الاقتصاد المصري، وهو العلاقة مع صندوق النقد الدولي، واصفاً هذه العلاقة بأنها "قصة حزينة"، لأنها في نظره غالباً ما ترتبط في أذهان المواطنين بزيادة الأسعار أو إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي يشعر المواطن العادي بأعبائها بشكل مباشر.
عمرو أديب: علاقة معقدة بين مصر وصندوق النقد
أكد أديب خلال إحدى حلقات برنامجه "الحكاية"، أن تعامل مصر مع صندوق النقد ليس بالأمر الجديد، بل هو مسار ممتد منذ عقود، حيث تلجأ الدولة إلى الصندوق في أوقات الأزمات الاقتصادية من أجل الحصول على تمويلات وقروض ميسرة، مشيراً إلى أن هذه العلاقة دائماً ما تكون مرتبطة بشروط صارمة تتعلق بالإصلاح الاقتصادي.
وأوضح أن هذه الشروط قد تشمل خفض الدعم، تحرير سعر الصرف، وإجراءات مالية وضريبية تهدف في النهاية إلى ضبط هيكل الاقتصاد، لكنها في المقابل تنعكس سريعاً على الأسعار وحياة المواطنين اليومية، وهو ما يخلق حالة من القلق وعدم الرضا في الشارع المصري.
وأضاف أن المواطن البسيط لا يهتم كثيراً بالتفاصيل الاقتصادية أو الفوائد طويلة الأمد، بقدر ما يلمس الأثر المباشر على أسعار السلع، الوقود، الخدمات الأساسية، وبالتالي يصبح صندوق النقد في الوعي الجمعي مرادفاً للأعباء والغلاء.
الإصلاح الاقتصادي بين الضرورة والمعاناة
وشدد على أن مصر ليست الدولة الوحيدة التي تعاملت مع صندوق النقد الدولي، بل هناك دول عديدة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مرت بنفس التجربة.
وأوضح أن بعض هذه الدول استطاعت الاستفادة من برامج الصندوق لتصحيح مسارها الاقتصادي وتحقيق نمو مستدام، بينما أخفقت أخرى في تحقيق النتائج المرجوة بسبب سوء التنفيذ أو غياب العدالة الاجتماعية.
وتابع حديثه قائلاً إن الإصلاح الاقتصادي في مصر لم يعد خياراً بل ضرورة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الدولة مثل زيادة الدين الخارجي، تراجع العملة المحلية، وارتفاع تكلفة الواردات.
وأكد أن تأجيل الإصلاحات كان سيؤدي إلى أزمات أكبر، لكن المشكلة تكمن في كيفية إدارة هذه الإصلاحات بحيث لا يتحمل المواطن وحده الفاتورة.
وأشار إلى أن صندوق النقد يركز بشكل أساسي على مؤشرات الاقتصاد الكلي مثل عجز الموازنة، سعر الصرف، معدلات التضخم، بينما تظل حياة الناس اليومية بحاجة إلى سياسات حماية اجتماعية توازي هذه الإجراءات، وهو ما يجب أن يكون محل اهتمام الحكومة المصرية.
هل يستفيد المواطن من اتفاقيات صندوق النقد؟
وطرح عمرو أديب سؤالاً محورياً: هل المواطن المصري يستفيد فعلاً من التعامل مع صندوق النقد؟ وأجاب قائلاً إن الفائدة على المدى الطويل تكمن في استقرار الاقتصاد، جذب الاستثمارات، وتوفير بيئة أفضل للأعمال، لكن على المدى القصير فإن الأثر يكون سلبياً ومؤلماً بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
وأوضح أن المواطن قد لا يرى العوائد الاقتصادية مباشرة، لكنه بالتأكيد يشعر بزيادة الأعباء، وهو ما يجعل العلاقة مع الصندوق "قصة حزينة" في الوجدان الشعبي، لأنها ترتبط دوماً بإجراءات موجعة مثل رفع الدعم أو زيادة الضرائب.
وأضاف أن هذه الإجراءات رغم قسوتها إلا أنها قد تمثل خطوة نحو بناء اقتصاد أقوى وأكثر قدرة على مواجهة الأزمات العالمية، مثل تقلب أسعار الطاقة أو الأزمات الجيوسياسية التي تؤثر على الاستيراد والتصدير.
الإصلاحات الاقتصادية والبعد الاجتماعي
ولفت أديب إلى أهمية أن ترافق الإصلاحات الاقتصادية سياسات حماية اجتماعية قوية، مثل دعم الفئات الأكثر احتياجاً عبر برامج مثل "تكافل وكرامة"، وزيادة مخصصات الدعم النقدي، وكذلك الاستثمار في الصحة والتعليم باعتبارهما ركيزة أساسية لحماية المواطن.
وأشار إلى أن التوازن بين الإصلاح الاقتصادي والحماية الاجتماعية هو التحدي الأكبر أمام أي حكومة، موضحاً أن تجاهل البعد الاجتماعي يهدد استقرار الإصلاحات ويضعف ثقة المواطنين فيها.
وأكد أن الحكومة المصرية تحاول جاهدة خلق هذا التوازن، لكنها تواجه صعوبات بسبب الظروف الاقتصادية العالمية مثل أزمة الطاقة، اضطراب سلاسل الإمداد، والحروب التي ترفع أسعار السلع الأساسية.
مصر وصندوق النقد.. إلى أين؟
وتساءل أديب في ختام حديثه: ما هو مستقبل العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي؟ مشيراً إلى أن مصر ما زالت بحاجة إلى دعم خارجي لتجاوز المرحلة الحالية، لكن من المهم أن يتم توظيف القروض والإصلاحات بشكل يحقق نتائج ملموسة للمواطن.
وأضاف أن التحدي الحقيقي يكمن في أن يشعر المواطن بثمار الإصلاح في حياته اليومية، سواء من خلال تحسين الخدمات العامة، استقرار الأسعار، أو توفير فرص عمل جديدة.