عاجل

وزير العمل: قانون العمل الجديد يمنع الفصل التعسفي ويحمي حقوق الموظفين

محمد جبران
محمد جبران

يشهد سوق العمل المصري مرحلة جديدة مع بدء تطبيق قانون العمل الجديد اعتباراً من الشهر الجاري، في خطوة تهدف إلى مواكبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها مصر والعالم خلال العقدين الماضيين. فقد أكد وزير العمل محمد جبران أن القانون يأتي ليعيد التوازن بين حقوق أصحاب الأعمال وحقوق العمال، ويضع أسساً واضحة تنهي حالة الجدل التي صاحبت القانون القديم الصادر عام 2003.

وفي مداخلة هاتفية ببرنامج "الحكاية" على شاشة "MBC مصر"، أوضح الوزير أن القانون الجديد لا يقتصر على معالجة القصور التشريعي، بل يسعى لتبسيط الإجراءات وضمان الشفافية وحماية حقوق جميع الأطراف، مؤكداً أن الوزارة ستقدم الدعم الكامل للأجانب العاملين بمصر من خلال منظومة تسجيل أكثر مرونة ودقة.

كما شدد جبران على أن أهم ما يميز القانون الجديد هو إلغاء مصطلح "الفصل التعسفي" بشكل مباشر، ليصبح الفصل خاضعاً لحكم المحكمة العمالية وحدها، بما يحمي حقوق العامل ويضمن عدم تعسف أصحاب الأعمال في قراراتهم.

تحديث تشريعي بعد عقدين من الانتظار

منذ عام 2003 ظل قانون العمل السابق يحكم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، إلا أن التطورات الاقتصادية والتكنولوجية التي لحقت بسوق العمل فرضت الحاجة الملحة إلى تحديث شامل. وأكد جبران أن الدولة رأت ضرورة صياغة قانون جديد يواكب طبيعة المرحلة ويضع حلولاً لمشاكل لم تكن موجودة من قبل، مثل التوسع في العمل عن بُعد، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا، ووجود عمالة أجنبية أكبر في السوق المصري.

وأوضح وزير العمل أن فلسفة القانون الجديد تقوم على خلق علاقة متوازنة بين العامل وصاحب العمل، فلا يُظلم أي طرف، ولا تكون الكفة راجحة لصالح فئة على حساب أخرى، وهو ما يسهم في تعزيز بيئة عمل مستقرة وجاذبة للاستثمار.

وأشار إلى أن القانون لا يستهدف مجرد ضبط القواعد القانونية، بل يسعى أيضاً لخلق مناخ عمل عادل يعزز من الإنتاجية ويحد من النزاعات العمالية التي كانت تستغرق وقتاً طويلاً في المحاكم.

ضوابط جديدة للاستقالة وحماية حقوق العمال

من أبرز التعديلات التي أتى بها القانون الجديد وضع ضوابط واضحة لعملية الاستقالة، بحيث لا تكون مجرد ورقة يوقعها العامل تحت ضغط أو تهديد. وأكد جبران أن القانون ينص على ضرورة اعتماد الاستقالة من وزارة العمل أو مديريات العمل التابعة لها، وبالاتفاق المباشر مع صاحب العمل، مما يضمن أن الاستقالة تتم بإرادة حرة بعيداً عن أي ضغوط.

وأضاف أن هذه الضوابط تعكس توجه الدولة لحماية حقوق العمال ومنع أي ممارسات قد تؤدي إلى فقدانهم وظائفهم دون مبررات حقيقية، وهو ما كان يمثل ثغرة في القانون القديم.

كما أشار الوزير إلى أن الوزارة تضع على رأس أولوياتها تقديم الدعم للعامل المصري من خلال مراقبة تنفيذ هذه الضوابط وضمان التزام الشركات بها بشكل صارم، مؤكداً أن المخالفين سيواجهون عقوبات واضحة ورادعة.

تسجيل الأجانب وتسهيل إجراءاتهم

فيما يتعلق بالعمالة الأجنبية، أكد وزير العمل أن القانون الجديد وضع نظاماً متطوراً لتسجيل الأجانب العاملين في مصر، بحيث يتمكنون من ممارسة عملهم بشكل قانوني منظم، مع ضمان حقوقهم وحقوق أصحاب الأعمال. وأوضح أن الوزارة ستعمل على تبسيط الإجراءات وتقديم العون اللازم للأجانب، بما يسهم في جذب الكفاءات العالمية والاستفادة من خبراتها داخل السوق المصري.

وأضاف أن وجود عمالة أجنبية منظمة يسهم في خلق بيئة تنافسية صحية بين العمالة المحلية والدولية، ويعزز من نقل الخبرات والتكنولوجيا الحديثة، مما يخدم الاقتصاد الوطني في نهاية المطاف.

دعوة لتوثيق العقود وإيداع نسخة بالوزارة

ناشد محمد جبران أصحاب الأعمال بضرورة الالتزام بإبرام عقود عمل رسمية للعمال، مع ضرورة إيداع نسخة من هذه العقود لدى وزارة العمل. وأكد أن هذه الخطوة ليست فقط لضمان حقوق العامل، بل أيضاً لحماية أصحاب الأعمال أنفسهم في حال وقوع أي نزاعات مستقبلية.

وأشار إلى أن الوزارة ستقوم بمتابعة تنفيذ هذا الإجراء بشكل جاد، موضحاً أن وجود نسخة من العقد لدى الوزارة يمثل وثيقة رسمية مرجعية تُحتكم إليها عند حدوث أي خلافات بين الطرفين.

كما أوضح أن هذه الخطوة ستسهم في تقليل حالات العمل غير الرسمي، الذي كان يمثل تحدياً كبيراً أمام الدولة خلال السنوات الماضية، حيث كان يترتب عليه ضياع حقوق العمال وغياب التأمينات والضمانات الاجتماعية.

أثر القانون الجديد على الاستثمار وسوق العمل

من المتوقع أن يسهم القانون الجديد في تحسين بيئة الاستثمار داخل مصر، حيث يقدم رسالة واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب بأن الدولة حريصة على استقرار سوق العمل وضمان حقوق جميع الأطراف. ويرى خبراء الاقتصاد أن وجود قانون حديث وعادل يعزز من ثقة المستثمرين ويشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات.

كما أن حماية حقوق العمال تعني بطبيعة الحال زيادة الإنتاجية وتقليل معدلات النزاعات العمالية، وهو ما ينعكس إيجابياً على كفاءة المؤسسات والشركات.

نحو سوق عمل أكثر عدلاً وتوازناً

في ختام حديثه، شدد وزير العمل محمد جبران على أن الهدف الأساسي من القانون الجديد هو خلق سوق عمل عادل ومتوازن، يحمي العامل من التعسف، وفي الوقت ذاته يمنح صاحب العمل الأدوات القانونية التي تمكنه من إدارة أعماله بكفاءة.

وأكد أن الوزارة ستظل داعمة للطرفين، وستعمل على إزالة أي عقبات قد تواجه تنفيذ القانون على أرض الواقع، داعياً جميع الأطراف إلى التعاون من أجل إنجاح هذه المرحلة الجديدة في تاريخ سوق العمل المصري.

  

تم نسخ الرابط