هآرتس: إسرائيل تهاجم العالم أجمع والدعم الأمريكي لن ينفعها بل سيضرها

هاجمت صحيفة هآرتس العبرية، في افتتاحيتها الصادرة اليوم الأحد، موقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي تجاه إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة، الصادر الجمعة الماضي، والذي يدعو إلى "التنفيذ الفوري" لحل الدولتين، مؤكدة أن رد إسرائيل يعكس إنكارًا للواقع الدولي ورفضًا لرؤية الحقيقة.
وجاء الإعلان الأممي بدعم واسع من المجتمع الدولي، حيث صوتت 142 دولة لصالح المقترح الذي تقدمت به كل من فرنسا والسعودية، فيما عارضته عشر دول فقط، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، ومن داخل الاتحاد الأوروبي، كانت المجر الدولة الوحيدة التي صوتت ضد القرار، بينما امتنعت التشيك.
وجاء الرد الإسرائيلي سريعًا ومتشددًا؛ إذ وصف سفير إسرائيل في الأمم المتحدة، داني دانون، القرار بأنه "أحادي الجانب"، و"فارغ"، و"يردد أكاذيب أعدائنا"، كما أصدرت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي بيانًا قالت فيه إن الأمم المتحدة "منفصلة عن الواقع"، ووصفت القرار بأنه "سيرك سياسي هزيل".
علقت هآرتس على هذا الموقف بالقول: "من الصعب العثور على مثال أوضح للمفارقة العبثية: دولة واحدة تتهم العالم كله بالانفصال عن الواقع"، مضيفة: "الدعم الكاسح لحل الدولتين لا يدفع إسرائيل حتى للتفكير في احتمال أنها الطرف الرافض للحقيقة".
وانتقدت الصحيفة النظرة الإسرائيلية التقليدية لقرارات الأمم المتحدة، والتي ترى فيها "تسوناميًا سياسيًا" أو تعبيرًا عن "معاداة للسامية"، معتبرة أن الواقع مختلف كليًا، حيث إن المبادرة الفرنسية السعودية، بحسب هآرتس، جاءت بدافع تحقيق تسوية عادلة تصب في مصلحة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، انطلاقًا من إيمان حقيقي بأن السلام الإقليمي هو السبيل الوحيد لضمان الأمن وحق تقرير المصير.
واستشهدت الصحيفة بتصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب التصويت، والذي قال فيه:"نحن نمهد طريقًا لا رجعة فيه نحو السلام في الشرق الأوسط، ومستقبل آخر ممكن: دولتان لشعبين يعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمن."
واعتبرت هآرتس أن ما يعيق إسرائيل عن مواجهة الواقع الدولي هو الموقف الأميركي، الذي وصف الإعلان الأممي بأنه "مناورة دعائية خاطئة"، مؤكدة "ساذجًا ومتسرعًا"، وقالت إنه يعزز عزلة إسرائيل ويُضعف موقف الدبلوماسية، في وقت تغرق فيه أكثر في مستنقع غزة، وتقترب من فتح جبهات جديدة.
وأضافت أن هذا الدعم الأميركي التلقائي لإسرائيل "لا يخدمها بل يضرّها"، لأنه يمنعها من إدراك التحولات الجيوسياسية، ويضعها في مواجهة مباشرة مع ما وصفته بـ"الإجماع الدولي المتنامي" على ضرورة التوصل إلى حل الدولتين.
هآرتس: إعلان نيويورك ليس هدية لحماس
ورفضت الصحيفة الطرح الإسرائيلي الأمريكي الذي يقول إن القرار يمثل "هدية لحماس"، مؤكدة أن هذا الكلام هو "تحريف للواقع"، موضحة أن العكس هو الصحيح، فحركة حماس تعارض مبدأ حل الدولتين بشكل جذري، وتتمسك بمشروع "دولة واحدة من البحر إلى النهر".
وقالت هآرتس: "التوصل إلى تسوية سياسية عادلة سيغلق الباب نهائيًا أمام مشروع حماس القائم على العنف، ولن يكون مكافأة للإرهاب، بل ضربة قاصمة له".
خارطة طريق نحو الدولة الفلسطينية
ورغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة قانونيًا، رأت الصحيفة أنها تشكّل مؤشرًا مهمًا على التوجه الدولي، وتساهم في رسم خارطة طريق نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالدعوة إلى مراجعة سياسية داخلية عميقة في إسرائيل، قائلة:"على إسرائيل أن توقف حربها على غزة، وأن تبادر إلى تحرير الأسرى، والانسحاب من القطاع، وإعادة إطلاق المسار السياسي، فبدلاً من معاداة المبادرات الدولية، يجب عليها أن تتعامل معها كفرصة لوقف سفك الدماء وضمان مستقبل أكثر أمنًا وعدلاً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء."