عاجل

الواضح ان الولايات المتحدة دولة ينطبق عليها المثل “ دولة تخاف متختشيش “ فهى على مدى تاريخها الذى لايتخطى عمر حاره من حارات مصر الحديثة  فهى تؤكد للدنيا كلها انها ترضخ بالتهديد والخوف من العواقب ؛ وهاهو التاريخ يحكى لنا ويقول انه عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية التفاوض مع الثوار الفيتناميين عقب فشلها الذريع فى هانوي ومقتل الاف من جنودها ، وعودة الكثير منهم معاقا او مريضا نفسيا  عقب ذلك ؛ أرسلت لهم للثوار الفيتناميين نقصد تستجدى وتطلب منهم أن يرسلوا وفدا يمثلهم في باريس للتباحث ؛ وبالطبع للاتفاق على انهاء الحرب الفيتنامية الامريكية وطى صفحة سوداء من تاريخ الجيش الامريكى ، بعد أن أوغل ثوار فيتنام بالجنود الأمريكان ومثلوا بهم. وفعلا أرسل الثوار وفدا مكون من أربعة ثوار إمراتان. ورجلين  ؛ وكانت المخابرات الأمريكية قد جهزت لهذا الوفد إقامة بأرقى فنادق باريس ؛ وجهزت لهم كل أسباب الراحة والمتعة ، وكل مالذ وطاب ، وعندما وصل الوفد الفيتنامي إلى مدينة باريس العاصمة ونزل في المطار كانت هناك سيارات تنتظر الوفد لنقله إلى مكان إقامته ؛ ولكن الوفد رفض ركوب السيارات و طلب مغادرة المطار بطريقته وأنه سيحضر الإجتماع في الوقت المحدد . واستغرب الوفد الأمريكي ذلك السلوك وسأل رئيس الوفد: أين ستقيمون ؟ فأجاب: سنقيم عند طالب فيتنامي في أحد ضواحي باريس ..فتعجب الأمريكي ، وقال له: قد جهزنا لكم إقامة مريحة في فندق فخم ؛ أجاب الفيتنامي: نحن كنا نقاتلكم ونقيم في الجبال وننام على الصخور ونأكل الحشائش فلو تغيرت علينا طبيعتنا نخاف أن تتغير معها ضمائرنا فدعونا وشأننا… وفعلا ذهب الوفد وأقام في منزل الطالب الفيتنامي ؛ ليقوم بعدها بمباحثات أدت لجلاء المحتل الأمريكي عن كل فيتنام. وحين التقى الوفدان  الفيتنامي والامريكي على  أرض المطار الفرنسى ، بادر الأمريكي لمصافحة  الوفد الفيتنامي لكنهم رفضوا وقال كبيرهم " لا زلنا أعداء لم يخوّلنا  شعبنا لمصافحتكم فمن يبيع ضميره باع وطنهه ".. وتنتهى الحرب وتمر الايام والسنين ويلتقى الجنرال جياب أحد قادة الثوار الفيتناميبن في السبعينات من القرن الماضي برموز ثورية لدولة ما  فلما شاهد حياة البذخ والرفاهية التي يعيشها هؤلاء الرموز والسيارات الألمانية الفارهة والسيجار الكوبي و البدل الايطالية الفاخرة ، والعطور الفرنسية باهظة الثمن وقارنها بحياته مع ثوار الفييت كونج في الغابات الفيتنامية؛ قال لتلك القيادات مباشرة بدون مواربة : لن تنتصر ثورتكم.!!فسألوه: لماذا ؟
‏فأجابهم: لأن الثورة والثروة لا يلتقيان ؛ الثورة التي لا يقودها الوعى  تتحول إلى إرهاب ؛ والثورة التي يغدق عليها المال يتحول قادتها إلى لصوص ؛ وإذا رأيت أحد يدعي الثورة ويسكن بقصر أو فيلا ، ويأكل أشهى الأطباق ويعيش في رفاهية وترف وبقية الشعب يسكن في مخيمات ويتلقى المساعدات الدولية للبقاء على قيدالحياة فأعلم أن القيادة لاترغب في تغيير الواقع فكيف تنتصر ثورة قيادتها لا تريدها أن تنتصر !!  الواقع والتاريخ يؤكدان ان مخاض الثورات مؤلم ، وثمن الحرية باهظ ويدفعه بصورة رئيسية ملح الارض "الشعوب " هى من تدفع ثمن الحريات لانهم يضحون بالنفيس والغالى من اجل نور الحياة الحقيقية ، الثوار هم من يقدمون الشرارة والشعب يدفع كافة تكاليف المرور الى نور الحرية وشمس الحياة . الثوار ان لم يتأملوا ويذوقوا من نفس كأس معاناة الشعوب وتكتفى جهودهم بالشعارات واللقاءات الاعلامية ، ويعيشون فى الفنادق الرفيعة الدرجات ، ويحتسوا المياه المعدنية ويظهروا بكامل زينتهم اذا كانوا كذلك فتأكد ان مفهوم الحرية عندهم لايتساوى مع مفهومها عند العامة وبأنهم يريدون توسيع أمد الحرب بل واستمرارها من اجل استمرار ماهم عليه . ملح الارض هم المقاتلون المعذبون من اجل العبور من نفق الاحتلال والضنك والالم الى فوهة الحرية ونور الامن والسلام والحياة الكريمة.

تم نسخ الرابط