عاجل

من الردع إلى المواجهة الكاملة.. إسرائيل تطمع في الهيمنة الإقليمية

الاحتلال الإسرائيلي
الاحتلال الإسرائيلي

كشف تقرير لمجلة "فورين أفيرز" أن هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 شكّل نقطة تحول حاسمة في الاستراتيجية الأمنية لإسرائيل، التي انتقلت من سياسة الاحتواء والردع إلى تبني نهج مواجهة شاملة يهدف إلى القضاء النهائي على خصومها من خلال عمليات عسكرية واسعة النطاق.

وقد اعتمدت إسرائيل سابقًا على الردع واستخدام القوة بشكل محدود لتحقيق هدنة مؤقتة، لكن بعد أحداث أكتوبر، تغير هذا النهج جذريًا، إذ باتت تل أبيب تسعى إلى هزيمة أعدائها بشكل كامل وإعادة تشكيل البيئة الأمنية في المنطقة بما يضمن بقاءها واستقرارها.

ويتجلى هذا التحول في عدة جبهات، أبرزها استمرار العمليات البرية في قطاع غزة، واستهداف مواقع حزب الله في لبنان، وتنفيذ ضربات غير مسبوقة ضد قيادات إيرانية بارزة وبرامج طهران النووية، بالإضافة إلى استهداف قيادات حماس المقيمين في الخارج، بمن فيهم من في قطر، حيث لم تعد إسرائيل تخفي هذه العمليات بل أعلنت مسؤوليتها عنها بشكل علني.

طموح إسرائيل في الهيمنة الإقليمية

ويرى بعض المحللين أن إسرائيل تطمح إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية، غير أن الكثيرين يؤكدون أن محدودية اقتصادها ونفوذها السياسي تحد من ذلك، فيما الهدف الأبرز يتمثل في تشكيل نظام إقليمي يحمي مصالحها الاستراتيجية وهم دعم حلفائها، فرض السيطرة على الأراضي عند الحاجة، منع أعدائها من تطوير قدرات متقدمة، وبناء تحالفات عملية قائمة على المصالح المشتركة.

وترفض إسرائيل اليوم الاعتماد على استراتيجيات السلام الهشة التي كانت سائدة سابقًا، حيث أصبحت القوة العسكرية هي الأساس في علاقاتها وتحالفاتها، وهو ما أثبتته التطورات التي تلت 7 أكتوبر.

في قطاع غزة تحديدًا، تمثل هذه الأزمة اختبارًا واضحًا للعقيدة الجديدة، إذ ترى إسرائيل أن استمرار وجود حماس كحركة مسلحة أو كسلطة حاكمة غير مقبول، وتسعى إلى تفكيكها بالكامل عبر تحييد مقاتليها، تدمير شبكة أنفاقها، وقطع قدرتها على إعادة البناء.

كما تشمل الاستراتيجية السيطرة على أراضي داخل غزة، وضبط المساعدات الإنسانية لتمنع وصولها إلى حماس، وتشجيع المدنيين على الابتعاد عن مناطق القتال.

وعلى الرغم من الانتقادات الدولية للكلفة الإنسانية، ترى القيادة الإسرائيلية أن أمن الدولة يتقدم على الضغوط الدبلوماسية.

ويتركز جزء رئيسي من الاستراتيجية الجديدة على مواجهة إيران، حيث شنت إسرائيل في يونيو حملة غير مسبوقة لتعطيل برامج طهران النووية والصاروخية.

ورغم عدم سعيها لتغيير النظام الإيراني، تعتبر إسرائيل أن العقيدة الإيرانية معادية لها، وأن منع طهران من امتلاك سلاح نووي أمر غير قابل للتفاوض حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب إقليمية.

على الضفة الغربية، تعتبر إسرائيل السلطة الفلسطينية فاسدة وغير موثوقة، خاصة بعد تلاشي آمال "حل الدولتين"، وتتبنى تل أبيب سياسة تعزيز السيطرة الأمنية، وتكثيف العمليات العسكرية، وضم مناطق استراتيجية مثل غور الأردن ضمن سيادتها القانونية.

من ناحية أخرى، بدأت إسرائيل تستثمر في الصناعات الدفاعية، وتسعى لتنويع شراكاتها الإقليمية والدولية، ودعم مشاريع اقتصادية استراتيجية مثل الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وذلك في ظل خلافات مع الولايات المتحدة، أبرز حليف لها، حول صفقات السلاح، ما يعكس رغبتها في استقلالية أكبر.

ويخلص التقرير إلى أن أحداث 7 أكتوبر كانت صدمة قوية ذكّرت الإسرائيليين بأن بقاء الدولة يعتمد على القوة العسكرية وليس على الوعود السياسية، وهو ما دفع استراتيجيتهم الجديدة للاعتماد على العمل العسكري الاستباقي بدلاً من الدبلوماسية التقليدية. ويرى أنصار هذا التوجه أن التفوق العسكري هو السبيل الوحيد لضمان أمن الدولة ومنع التهديدات الوجودية.

ورغم أن السلام يبقى هدفًا، إلا أنه ينظر إليه الآن كنتاج للتفوق العسكري والقدرة على فرض الأمن، مع إقرار إسرائيل أن ضبط النفس لم يعد خيارًا، وأن الهيمنة الأمنية تمثل الأساس لاستمرارها واستقرارها في المرحلة المقبلة.

تم نسخ الرابط