أخصائية تتحدث عن أسس العلاج بالفن ودوره في الصحة النفسية

قالت كاترين ملك، أخصائية علاج بالفن ومستشارة دعم نفسي، بأنها منذ صغرها كانت تنجذب إلى الفن والتعامل مع الأطفال، خاصة في المجتمعات الريفية المحرومة، حيث رأت الفن وسيلة لتعليم مهارات حياتية وتخفيف الأعباء النفسية. ومع الوقت، تطورت هذه الميول لتصبح معرفة أكاديمية، بعد حصولها على دبلومة في العلاج بالفن من جامعة حلوان، ثم ماجستير، ودبلومة في مجال الإدمان، مما أكسبها فهمًا عميقًا للجوانب العلاجية والسريرية للنفس.
ما هو العلاج بالفن؟ وأيّ الفنون تُستخدم؟
تشرح كاترين أن العلاج بالفنون الإبداعية يشمل عدة مدارس، يُبرز منها العلاج التشكيلي الذي تعمل فيه، والذي يعتمد على الفنون البصرية مثل التلوين والرسم وصناعة القناع، وأحيانًا يشمل التمثيل أو الموسيقى ضمن أسلوب السيكودراما/العلاج الدرامي. وهذا لا يعني أن كل أشكال الفن تُستخدم بنفس الدرجة، فالتركيز الأكبر يكون على التشكيلي، مع دمج عناصر أخرى بحسب حالة المريض.
حالات يُستخدم فيها العلاج بالفن وحدوده
أكدت أنه رغم أن العلاج بالفن يمكن أن يُفيد معظم اضطرابات الصحة النفسية، فإن هناك حالات مزمنة أو خطيرة مثل الفصام تتطلب تدخلًا دوائيًا أساسيًا، ولا يمكن للاعتماد على الفن وحده أن يعوّض هذا الجانب. في حالات مثل الاكتئاب الشديد أو اضطراب ثنائي القطب، غالباً ما يُستخدم العلاج بالفن كمكمل للعلاج الطبي. أما الحالات الأخف – مثل القلق، التوتر، الحزن أو الصدمات النفسية البسيطة – فيمكن للعلاج الفني أن يُحقق نتائج سريعة ومستدامة إذا ما توفرت المتابعة والتنظيم المناسب.
هل الأولوية للسيكولوجي أم للطبيب النفسي؟
ترى كاترين أن القانون الصحي والنفسي يجعل الطبيب النفسي هو المسؤول الرئيسي عن التشخيص الطبي، خاصة في حالات الاضطرابات النفسية الخطيرة. أما المعالج الفني، فعادةً يتدخل بعد التشخيص، ويعمل ضمن فريق متعدد التخصصات، بهدف دعم التحسن النفسي باستخدام الأدوات الفنية. لا يُفضَّل أن يبدأ المعالج الفني وحده في الحالات التي تتطلب تدخلاً دوائيًا.
الأطفال والكبار: أيهم يتجاوب أكثر مع العلاج بالفن؟
تشير كاترين إلى أن كل الفئات تستفيد من العلاج الفني، لكن هناك اختلافات في الأسلوب والممارسة:
الأطفال: تُستخدم الألعاب والحركة والموسيقى بشكل أكبر، لتسهيل التعبير وتحفيزهم نفسياً، لأنهم عادةً لا يستطيعون الجلوس الطويل أو التعبير بالكلام وحده.
الكبار: يُستخدم معهم نهج أكثر تنظيمًا، مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، ممارسات التأمل والـ Mindfulness، وربما الجلسات الفنية المركزة أو التمثيل الدرامي، بناءً على القدرة على التعبير واستمرارية العلاج.
مبادرة "قلبي مفتاح": الفن في المتاحف لتنمية مهارات الأطفال
تحدثت كاترين أيضًا عن مبادرة تحمل اسم "قلبي مفتاح"، التي انطلقت من متحف القبسي، وتتعاون فيها مع فريق من طلابها لتوظيف الفن والمتاحف كأماكن تعليمية وتمكينية للأطفال العاديين والمصنفين بطبائعهم، لتطوير مهارات حياتية، التعبير عن الذات، فهم الهوية، والتاريخ الشخصي. المبادرة شملت تفاعل الأمهات أيضًا، بهدف أن يتعلم الأهل كيفية التواصل مع الأبناء نفسياً وفنياً، فتحفيز الحوار الداخلي والتعبير عن المشاعر بين جميع أفراد الأسرة.
خلاصة وآفاق من العلاج بالفن حسب كاترين ملك
العلاج بالفن استكمال للعلاج النفسي، لا بديلًا عن التدخل الدوائي في الحالات المزمنة.
عند استخدامه بشكل منهجي ومنظم يمكن أن يحقق نتائج قوية في تحسين الثقة بالنفس، التواصل، والقدرة على التعبير النفسي.
التعاون بين المعالج الفني والطبيب النفسي ضروري، خاصة لحالاتadhمزمنة.
المشاريع المجتمعية مثل "قلبي مفتاح" تفتح آفاقًا لاستخدام الفن كوسيلة علاجية وتربوية في آن واحد، لإشراك الأفراد والأسرة والممارسة المجتمعية.