عاجل

أحد رموز دولة التلاوة.. 43 عاما على رحيل الشيخ محمود عبد الحكم

الشيخ محمود عبد الحكم
الشيخ محمود عبد الحكم

يُعد الشيخ محمود عبد الحكم واحدًا من رموز الحقبة الذهبية لتلاوة القرآن الكريم في مصر، وركنًا من أركان الأصالة القرآنية التي ميّزت الجيل الأول من قراء الإذاعة. وسيظل صوته وإخلاصه نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين الأداء الفني والخشوع، في زمن قلّ فيه أمثاله.

يوافق اليوم 13 سبتمبر ذكرى رحيل أحد كبار قراء القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، وهو الشيخ محمود عبد الحكم، الذي توفي في مثل هذا اليوم من عام 1982م، بعد حياة حافلة بخدمة كتاب الله تعالى، جعلت اسمه ضمن قائمة عمالقة مدرسة التلاوة المصرية التي حفرت أسماء أصحابها في ذاكرة المستمعين على مدار الأجيال.

نشأة الشيخ محمود عبد الحكم

وُلد الشيخ محمود عبد الحكم في محافظة المنوفية بصعيد مصر، ونشأ في بيتٍ تَشبَّع بحب القرآن الكريم، حيث أتم حفظه في سن مبكرة. وبعد أن ظهرت موهبته الصوتية الفريدة، اتجه إلى تعلم علوم التجويد والقراءات على يد مشايخ من الأزهر الشريف، الأمر الذي صقل أدائه ومنحه البنية القوية التي تميز بها لاحقًا.

انضمامه للإذاعة وبداية الانتشار

التحق الشيخ عبد الحكم بالإذاعة المصرية في منتصف الأربعينيات، في زمنٍ كان يشهد حضور أسماء كبرى في عالم التلاوة مثل الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمد رفعت. ومع ذلك، استطاع أن يفرض اسمه وصوته بجدارة، بفضل خامته الصوتية القوية وأسلوبه الذي جمع بين الجلال والحنان، والتوازن بين الأداء الفني والخشوع.

أسلوبه في التلاوة

امتاز الشيخ محمود عبد الحكم بأسلوب يجمع بين القوة في الأداء والنعومة في النغم، حيث تُميز تلاواته بـ"المقام الصوتي المتزن" الذي لا يخرج عن إطار الخشوع، ولا يفتقر إلى العمق التعبيري. ولهذا أحبَّه الجمهور، واحتفى به النقاد والمتخصصون في علوم التجويد والمقامات.

كما كان الشيخ صاحب مدرسة خاصة في الوقف والابتداء، وله قدرة واضحة على إبراز معاني الآيات دون تكلف، مما جعل تلاواته تحظى بمكانة خاصة بين محبي القرآن، وتُدرَّس حتى اليوم في أوساط تعليم التلاوة والتجويد.

أرشيفه وتسجيلاته

سُجلت له العديد من التلاوات لإذاعة القرآن الكريم المصرية، من أبرزها تلاوات من مساجد مشهورة مثل:

الجامع الأزهر

مسجد الإمام الحسين

مسجد السيدة زينب

ومساجد في محافظات الوجه البحري والصعيد

كما مثّل مصر في عدة بعثات قرآنية إلى الدول العربية، حيث كانت له جولات تلا فيها آيات الذكر الحكيم في محافل دولية.

اشتهر الشيخ محمود عبد الحكم بالتواضع الشديد والوقار، وكان يُعرف بين زملائه بالحكمة والهدوء، وحرصه الدائم على عدم تحويل التلاوة إلى استعراض صوتي، بل وسيلة لنقل معاني القرآن إلى القلوب.

وفاته وإرثه

توفي الشيخ في 13 سبتمبر عام 1982م، تاركًا وراءه أرشيفًا من التلاوات الخاشعة التي لا تزال تُبث عبر إذاعة القرآن الكريم والتلفزيون، كما تُتداول على المنصات الرقمية وقنوات اليوتيوب بصوت لا تُخطئه الأذن، ولا يملّه السامع.

تم نسخ الرابط