ورد النيل يلتهم ترع دمياط والأهالي يستغيثون: الأمراض محاصرانا والزرع بيموت

تشهد عدد من الترع والمجاري المائية في محافظة دمياط أزمة متفاقمة بسبب الانتشار الكثيف لعشبة ورد النيل، التي تحولت من نبات عادي إلى كابوس يؤرق المزارعين والأهالي على حد سواء، خاصة في القرى والمراكز التي تعتمد اعتمادًا كليًا على مياه هذه الترع في ري أراضيهم الزراعية أو في الاستخدامات اليومية.
ورد النيل، الذي عرفه المصريون منذ عقود كنبات يطفو على سطح المياه، أصبح اليوم أحد أخطر التحديات البيئية التي تهدد الثروة المائية والزراعية، حيث يغطي مساحات واسعة من المجاري المائية، ويمنع تدفق المياه بصورة طبيعية، مما يؤدي إلى ركودها وتجمع الحشرات والبعوض، إلى جانب إعاقة حركة الصيادين والمزارعين الذين يعتمدون على هذه الترع في أنشطتهم اليومية.
انتشار ورد النيل بالترع
في ترعة دمياط، يروي الأهالي حكايات يومية مع المعاناة التي يسببها هذا النبات، يقول بعض المزارعين إن ورد النيل يتسبب في انسداد منافذ الري، ما يؤدي إلى عطش الأراضي الزراعية وتأثر المحاصيل سلبًا، الأمر الذي ينعكس على حجم الإنتاجية والدخل اليومي للمزارع.
كما أن إزالته بشكل يدوي يتطلب جهدًا ووقتًا وتكلفة باهظة، وهو ما يفوق قدرات الأفراد في القرى الفقيرة.
الأهالي أكدوا أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل تتكرر كل عام، حيث ينمو النبات بسرعة هائلة خلال فصل الصيف، ويضاعف أزماته مع ارتفاع درجات الحرارة، في حين أن الحملات التي تنفذها الجهات المختصة لإزالة ورد النيل تظل محدودة وغير مستمرة، مما يسمح للنبات بالعودة مرة أخرى خلال أسابيع قليلة.
كارثة بيئية وصحية
إلى جانب التأثير على الزراعة، يلفت سكان القرى، إلى أن ورد النيل يتسبب في كارثة بيئية وصحية، إذ يؤدي ركود المياه إلى تزايد الحشرات الناقلة للأمراض مثل الناموس، بالإضافة إلى انبعاث الروائح الكريهة نتيجة تراكم المخلفات في المياه الراكدة، وهو ما يجعل حياة الأهالي اليومية أكثر صعوبة.
كما أبدى عدد من الصيادين استياءهم من هذه الظاهرة، حيث أوضحوا أن ورد النيل يغلق مجاري المراكب الصغيرة ويصعّب من حركة الصيد داخل الترع، إلى جانب أنه يقلل من نسبة الأكسجين المذاب في المياه، ما يؤدي إلى نفوق الأسماك واختفائها تدريجيًا من بعض المناطق.
تحذيرات علمية
ويؤكد خبراء البيئة أن ورد النيل يعد من أسرع النباتات نموًا وتكاثرًا في العالم، إذ يمكن أن تتضاعف مساحته خلال أسابيع قليلة، وهو ما يضاعف من خطورته على المجاري المائية في مصر إذا لم تتم مواجهته بخطط واضحة ومستدامة.
ويوصي الخبراء باستخدام وسائل حديثة لمكافحة هذا النبات، مثل إدخال بعض الأنواع من الحشرات التي تتغذى عليه أو الاعتماد على معدات متطورة للإزالة المستمرة، بدلاً من الحملات التقليدية التي تقتصر على رفعه يدويًا أو بآلات بسيطة.
استغاثات عاجلة
الأهالي في دمياط يطالبون بضرورة تدخل عاجل من وزارتي الري والزراعة، إلى جانب تفعيل دور الوحدات المحلية، حتى لا تتحول المشكلة إلى أزمة أكبر تهدد مستقبل الزراعة في المحافظة، التي تعد واحدة من أهم المحافظات الزراعية في الدلتا.
ومع استمرار تجاهل هذه الظاهرة، يخشى المزارعون أن يؤدي الانتشار المستمر لورد النيل إلى تقليص المساحات الزراعية المنتجة بسبب العطش، فضلًا عن زيادة الأعباء الاقتصادية على الفلاحين الذين يواجهون بالفعل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج.
في النهاية، تبقى أزمة ورد النيل في ترعة دمياط نموذجًا حيًا على خطورة الإهمال البيئي، وجرس إنذار يستدعي التحرك السريع من أجل إنقاذ الأراضي الزراعية والمياه، والحفاظ على حياة آلاف الأسر التي تعتمد بشكل مباشر على هذه الترع في معيشتها.