ما حكم مؤخر الصداق إذا لم يحدد عند الزواج .. وتوفى الزوج؟

ما حكم مؤخر الصداق إذا لم يحدد عند الزواج؟ فقد توفي زوجي ولم يكن قد حدد لي قيمة مؤخر الصداق؛ إذ إنه قد كتب في قسيمة الزواج "المسمى بيننا"، فهل لي حق في المؤخر؟ وما هو؟سؤال أجابت عنه دار الإفتاء بأن المرأة التي توفي عنها زوجها ولم يحدد لها قيمة مؤخر الصداق يكون لها مهر المثل، ويخصم منه ما عجَّله لها زوجها من مهر وشبكة إن كان قد قدم لها شيئًا من ذلك.
المهر: هو ما أوجبه الشارع من المال أو المنفعة التي تُقَوَّم بالمال حقًّا للمرأة على الرجل في عقد زواج صحيح أو دخول بشبهة أو دخول مبني على عقد فاسد، وهو في أصله ليس شرطًا في صحة الزواج ولا في نفاذه ولا في لزومه، وإن كان يتعلق حق الأولياء بإتمامه إلى مهر المثل إذا زوجت المرأة المكلفة نفسها بأقل منه، وهو واجب في كل زواج على أنه حكم من أحكامه التي يلزم ترتبها عليه، وقد أكد الشارع وجوبه في الزواج؛ إظهارًا لما له من الخطر والمكانة، فلا يملك الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤها إخلاء الزواج من المهر، حتى إنهم إذا لم يذكروا في العقد مهرًا أو اتفقوا على أنه زواج بغير مهر كان المهر لازمًا أيضًا، ويكون الواجب مهر المثل؛ وبهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في امرأة تزوجت ولم يكن قد سُمِّيَ لها مهر ثم مات زوجها قبل الدخول فحكم بأن لها مهر المثل، والمراد به المهر الذي تزوجت به امرأة من قوم أبيها كأختها الشقيقة، وأختها من الأب، وعمتها، وبنت عمها.
ما حكم الشبكة والهدايا عند موت الخاطب؟
أوضحت دار الإفتاء الخطبة وقراءة الفاتحة وتقديم المهر أو جزء منه، وكذلك الشبكة والهدايا، كل ذلك يُعد من مقدمات الزواج، ويُنظر إليه باعتباره وعدًا به ما دام العقد لم يُبرم بأركانه وشروطه الشرعية. وقد جرت عادة الناس أن تسبق الخطبة عقد الزواج تهيئةً للأجواء بين الأسرتين.
فإذا تراجع أحد الطرفين ولم يتم العقد، فالأصل الشرعي أن المهر لا يثبت في ذمة الخاطب إلا بعقد الزواج، فإذا لم يقع العقد فلا حق للمخطوبة فيه، ويكون للخاطب أن يسترده.
أما الشبكة، فقد جرى العرف على أنها جزء من المهر، إذ يتفق عليها عادة ضمن ترتيبات الزواج، مما يجعلها خارجة عن إطار الهدايا، ويُلحقها بحكم المهر. والشرع اعتبر العرف في مثل هذه الأمور، قال تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199]. وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه: «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيئ» رواه أحمد والطيالسي.
وعليه، فإن الشبكة تُعامل معاملة المهر، ولا تستحق المخطوبة شيئًا منها إذا لم يتم الزواج؛ إذ استحقاق المرأة للمهر يكون نصفه بالعقد وكامله بالدخول.
وبناءً على ذلك، ففي حال فسخ الخطبة أو عدول أي من الطرفين عنها، تكون الشبكة حقًا للخاطب أو لورثته إن توفي، ولا حق للمخطوبة فيها، سواء كان العدول من جهته أو من جهتها
ما حكم تنازل الخاطب عن الشبكة أو بعضها عند فسخ الخطبة؟
قالت دار الإفتاء تعتبر الخطبة وقبض المهر وقبول الشبكة من مقدمات الزواج، ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم مستوفيًا أركانه وشروطه الشرعية، فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه على إتمام الزواج كان للخاطب أن يسترد ما دفعه من المهر، ولم تستحق المخطوبة منه شيئًا، وكذلك الشبكة؛ لجريان العرف بكونها جزءًا من المهر؛ حيث يتفق الناس عليها عند إرادة الزواج؛ مما يخرجها عن دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر، والعرف معتبر في أحكام الشريعة الإسلامية؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: ١٩٩]، فكل ما شهدت به العادةُ قُضِيَ به لظاهر هذه الآية كما يقول الإمام القرافي في "الفروق" .
فالشبكة المقدمة من الخاطب لمخطوبته تكون له في حالة أن يعدل الخاطبان أو أحدهما عن الخطبة، وليس للمخطوبة منها شيء، ولا يؤثر في ذلك كون الفسخ من الرجل أو المرأة، إلا أن يتنازل الخاطب عنها أو عن بعضها، فلا بأس حينئذٍ أن تستبقي المخطوبة ما تنازل هو عنه في حيازتها وملكها؛ لأنه تَصرُّفٌ منه فيما يملك وقد تم برضاه وموافقته، فهو تَصَرُّفٌ صحيحٌ نافذٌ، وقد روى الدارقطني عن حبان بن أبي جَبلة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فهذا الحديث يقرر أصل إطلاق تصرف الإنسان في ماله.