القصة الكاملة لفقدان 4 مرضى بصرهم بعد عمليات مياه بيضاء في مستشفى 6 أكتوبر
مستشفى 6 أكتوبر تطفئ النور في أعين المرضي.. كيف تحول حلم الرؤية لكابوس دائم؟

لم يكن صباح اليوم الأول من سبتمبر يوماً عادياً لعدد من المرضى الذين استقبلوا خطوط النور الأولى من فجر ذلك اليوم بنظرة أمل وحلم يراودهم منذ بعيد، فخرجوا قاصدين مستشفى 6 أكتوبر التابع للتأمين الصحي بالدقي، حيث دخلوا المستشفى على أمل أن تعيد لهم الجراحة البسيطة وضوح الرؤية بعد معاناة ليست بقليلة مع المياه البيضاء، لكنهم خرجوا وقد انطفأ النور من أعينهم إلى الأبد، ما جرى داخل غرفة العمليات لم يكن مجرد مضاعفات عادية، أو خطاء عابر، بل تحول إلى مأساة إنسانية تهز القلب قبل أن تهز أسر الضحايا والرأي العام.
فقدان 4 مرضى بصرهم بعد عمليات مياه بيضاء بمستشفى 6 أكتوبر
دخلوا المستشفى على أمل أن يستعيدوا نور الحياة، فخرجوا منه بعالم مظلم لا نهاية له، أربعة مرضى لم يجمعهم شيء قبل ذلك اليوم سوى قرار إجراء عملية إزالة المياه البيضاء بمستشفى 6 أكتوبر بالدقي، دخل كل منهم غرفة العمليات منفردًا، واحداً يتلوا الآخر مع تعاقب الأيام، لكنهم خرجوا يحملون نفس المصير المأساوي، حيث جمعهم فقدان البصر، وكأن القدر ربط مصائرهم في لحظة واحدة من الإهمال والخذلان.
بداية الحلم عودة نور العيون
كانت الجراحة بسيطة، روتينية، تجرى يوميا لآلاف المرضى، لم تكن أي منهم تحتاج تدخل جراحي معقد، بكل كانت عمليات روتينية تجرى بالليزر ويخرج منها المريض بنظره كاملاً، ودعت الأسر ذويهم عند باب العمليات وهم يبتسمون مطمئنين، على يقين أن دقائق قليلة ستفصلهم عن حياة جديدة بنظر أوضح.
لكن الساعات التالية حملت ما لم يكن في الحسبان، آلام مبرحة، التهابات صادمة، وتورمات جعلت الأطباء يبررون ويلقون بالإتهامات عن وجود ميكروب نادر وخبيث تسلل إلى العيون بسبب خلل في التعقيم، عندها تبخر الحلم، وحل مكانه كابوس لم يرحم أحد منهم.
وجع مشترك بأربع قصص مختلفة
إنعام عبيد دخلت بعين يكسوها الغباش، تريد أن ترى وجوه أحفادها وذويها بوضوح، لكن الأطباء أخبروها بعد العملية أنها لم تعد ترى سوى الضوء فقط، بلا ملامح ولا اتجاهات.
اما نعيمة عبدالسيد ، التي كانت تحمل آمالا أن تعود إلى بيتها بعين تبصر تفاصيل الحياة ولحظات المرح مع أسرتها البسيطة ، لكن عينها اليمنى فقدت القدرة على رؤية النور تماما، وغادرت محطمة بعد محاولة المستشفى الجامعي إصلاح ما افسدته مستشفى التأمين بالدقي، رغم تحذيرات الأطباء بوجود ضرر حال خروجها لكنها لم ترى فائدة من بقاءها بالمستشفى.
إخلاص سيد دخلت بابتسامة شجاعة، لتنهي معاناتها مع ضعف النظر، لكنها خرجت لتجد عينها اليسرى غارقة في صديد لا يرحم، والرؤية فيها انطفأت إلى الأبد.
ولكن نبيل أبوالقاسم، الرجل الذي كان يستعد لاستعادة بصره ليعيل أسرته، لم يعد يرى سوى ظلال بعيدة، أحلامه بالعودة إلى عمله صارت معلقة بين جدران غرفة العلاج.
هؤلاء المرضى قد تبدو قصصهم منفصلة، لكن الرابط بينهم الآن أقوى من أي شيء آخر، جميعهم فقدوا النور داخل نفس المستشفى، في نفس الشهر، بنفس الطريقة.
أسر تئن وصوت الغضب يعلو
الأسر التي استقبلت ذويها بعد العمليات لم تستطع أن تخفي صدمتها، فخرجت دموع الأمهات والأبناء لم تتوقف، والأسئلة لم تجد إجابة: كيف تحولت عملية بسيطة إلى حكم بالإعاقة مدى الحياة؟، وكيف تحولت المأساة إلى قضية رأي عام، يطالب الناس فيها بالمحاسبة والعدالة.
تحقيقات عاجلة وتدخل وزاري
إدارة المستشفى سارعت لتشكيل لجان تحقيق بمشاركة أطباء متخصصين وخبراء من وزارة الصحة، لمراجعة كل ما جرى داخل غرف العمليات، وزير الصحة بدوره أصدر تعليمات بتشكيل لجنة عليا من قطاع الطب العلاجي وإدارة التفتيش وخبراء مكافحة العدوى، لمراجعة بروتوكولات التعقيم وتحديد أوجه القصور. الجميع يبحث عن إجابة واحدة: من المسؤول عن إطفاء النور في عيون هؤلاء المرضى؟
المأساة التي تجاوزت الجدران
اليوم يرقد المرضى الأربعة في ظلام دائم، بينما يعيش ذووهم في حزن عميق وغضب لا يهدأ فالأمر لم يعد مجرد تقارير طبية أو نتائج تحقيقات، بل أصبحت واقع يكشف لنا فشل مستشفى قد يكلف إنسانا حياته أو بصره.
لقد دخلوا المستشفى كأفراد يحملون أحلاما مختلفة، لكنهم خرجوا موحدين في الألم ذاته، مأساة تطفئ النور من أعين أربعة، وتفتح في قلوب الملايين سؤالا واحدا: كيف يعود النور لاعين الضحايا.