السفير أحمد أبو زيد: أوروبا لم تعد صامتة أمام انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين

قال السفير أحمد أبو زيد، سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبي وبلجيكا ولوكسمبرج وحلف الناتو، إن التحول الملحوظ في الموقف الأوروبي تجاه الصراع الفلسطيني لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة حجم المعاناة الرهيبة التي يشهدها الرأي العام الأوروبي يوميًا.
وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع الإعلاميين محمود السعيد ونانسي نور، مقدمي برنامج "ستوديو إكسترا" عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن العواصم الأوروبية تشهد مظاهرات ضخمة في كل عطلة نهاية أسبوع، بمشاركة عشرات ومئات الآلاف من المواطنين، وهو ما يمثل ضغطًا كبيرًا على الحكومات والبرلمانات الأوروبية لاتخاذ مواقف أكثر وضوحًا تجاه الأزمة.
وأوضح أبو زيد أن هذه الحركات الشعبية المكثفة تعكس حالة الغضب والاستياء لدى المواطنين الأوروبيين تجاه استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وهو ما دفع صناع القرار الأوروبي إلى إعادة النظر في مواقفهم السابقة، بما يعكس حساسية الحكومات الأوروبية تجاه الرأي العام والمجتمع المدني. ولفت إلى أن هذه الاحتجاجات تتزايد يومًا بعد يوم، ما يجعل الضغط على البرلمانات الأوروبية لا يمكن تجاهله أو الاستهانة به.
وأشار السفير المصري إلى أن التحول الأوروبي ليس مجرد استجابة للضغط الشعبي، بل يتوافق أيضًا مع الالتزام بالقيم الإنسانية وحقوق الإنسان التي تؤكدها مؤسسات الاتحاد الأوروبي، مشددًا على أن هذه القيم تجعل استمرار الصمت الأوروبي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية أمرًا غير مقبول.
الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وراء تحول المواقف
تطرق السفير أبو زيد إلى أن التحول في الموقف الأوروبي يعود أيضًا إلى الإمعان الإسرائيلي المستمر في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك سياسات التجويع والقتل العشوائي للفلسطينيين، وزيادة أعداد الشهداء وضحايا القصف المستمر. وأضاف أن هذا التصرف يشكل إهانة صارخة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويستدعي من المجتمع الدولي إعادة النظر في سياساته تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وأكد السفير أن استمرار هذه الانتهاكات لفترة طويلة، على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، يجعل من الضروري أن تتحول المواقف الأوروبية لتصبح أكثر صرامة وعدالة. وأضاف أن أوروبا منذ البداية كانت تدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، إلا أن العجز عن فرض إجراءات عقابية حقيقية ضد إسرائيل كان مرتبطًا بالقواعد التي تحكم اتخاذ القرار في مجلس الأمن الدولي.
وأشار أبو زيد إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر مانح للسلطة الفلسطينية، ومع ذلك لم يكن قادرًا على ممارسة الضغط اللازم لإلزام إسرائيل بوقف الاعتداءات، وهو ما يجعل الدور الشعبي الأوروبي محوريًا في دفع المواقف السياسية نحو العدالة والإنصاف.
مظاهرات نهاية الأسبوع تعكس حجم الغضب الأوروبي
وقال السفير إن العواصم الأوروبية أصبحت مسرحًا للمظاهرات الشعبية التي تعكس حجم الغضب والاستياء، مؤكداً أن هذه الاحتجاجات تشارك فيها أعداد كبيرة من المواطنين الذين يشعرون بالمسؤولية تجاه القضية الفلسطينية، وأضاف أن هذه المظاهرات أصبحت عامل ضغط أساسي على الحكومات الأوروبية لإعادة النظر في سياستها تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وأوضح أن هذا التفاعل الشعبي يشير إلى أن الرأي العام الأوروبي لم يعد يقبل المواقف المعتدلة أو الصمت تجاه الانتهاكات المستمرة، وأن الحكومات تجد نفسها مضطرة لاتخاذ خطوات أكثر فعالية لحماية حقوق الإنسان وتأكيد المبادئ الدولية.
وأشار السفير إلى أن مظاهرات نهاية الأسبوع لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل باتت جزءًا من استراتيجية ضغط طويل المدى تساهم في تعزيز الموقف الأوروبي الداعم للسلام والحقوق الفلسطينية.
أهمية القيم الإنسانية الأوروبية في توجيه السياسة
وأكد أبو زيد أن القيم الإنسانية وحقوق الإنسان تشكل عنصرًا أساسيًا في توجيه السياسة الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني. وأضاف أن الأوروبيين، رغم قيود القوانين الدولية، يسعون إلى ممارسة دور فاعل في تحقيق العدالة وحماية المدنيين الفلسطينيين من الانتهاكات الإسرائيلية.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يتوقف عن تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، موضحًا أن هذا الدعم يشمل تقديم الموارد اللازمة لحياة كريمة وتعزيز الاستقرار في الأراضي الفلسطينية. ولفت إلى أن التحولات الأخيرة في المواقف الأوروبية تأتي كنتيجة لتفاعل مركب بين الضغط الشعبي والقيم الإنسانية والمصالح السياسية.
وأضاف أن هذه الديناميكية تظهر كيف يمكن أن تكون الرأي العام الأوروبي محركًا للتغيير في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خاصة عندما يترافق الضغط الشعبي مع الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
الاتحاد الأوروبي بين المساعدات والقيود القانونية
أوضح السفير المصري أن الاتحاد الأوروبي كان دائمًا أكبر مانح للسلطة الفلسطينية، لكنه في الوقت ذاته مقيد بالقوانين الدولية التي تحد من قدرته على فرض عقوبات مباشرة على إسرائيل. وأكد أن هذا الوضع يوضح ضرورة تكاتف المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف الانتهاكات، مع الحفاظ على دور الاتحاد الأوروبي كفاعل إنساني وداعم للسلام.
وأشار أبو زيد إلى أن هذه القيود القانونية لم تمنع أوروبا من ممارسة تأثيرها من خلال تقديم المساعدات، ودعم المبادرات الإنسانية، وممارسة الضغط السياسي عبر القنوات الدبلوماسية المتاحة. وأضاف أن هذا يعكس قدرة الاتحاد الأوروبي على التكيف مع الواقع الدولي وتحقيق توازن بين القانون الدولي والضغط الشعبي والالتزامات الإنسانية.
دور الإعلام في تسليط الضوء على الانتهاكات
وأكد السفير أحمد أبو زيد أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية وتقديم صورة واضحة للرأي العام الأوروبي والعالمي حول حجم المعاناة الفلسطينية. وقال إن التغطية الإعلامية المستمرة تساهم في رفع مستوى الوعي الدولي وتحفيز الحكومات على اتخاذ مواقف أكثر صرامة وعدالة تجاه القضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن الإعلام الأوروبي لعب دورًا محوريًا في نقل أصوات المحتجين والمظاهرات الشعبية إلى صناع القرار، وهو ما ساهم في تعزيز الضغط على الحكومات الأوروبية لتغيير مواقفها. وأضاف أن استمرار هذا الدور الإعلامي سيكون ضروريًا لضمان استدامة التحول الأوروبي تجاه العدالة والسلام في الأراضي الفلسطينية.
الأفق المستقبلي للموقف الأوروبي
في الختام، أكد السفير أبو زيد أن الموقف الأوروبي سيستمر في التطور نتيجة تضافر العوامل الشعبية والسياسية والإنسانية. وأضاف أن استمرار الضغط الشعبي في أوروبا، إلى جانب الانتهاكات المستمرة من الجانب الإسرائيلي، يجعل من الضروري أن تكون السياسات الأوروبية أكثر وضوحًا في دعم حقوق الفلسطينيين وفرض التزامات على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي.
وأوضح أن المستقبل يعتمد على استمرار التفاعل بين المجتمع المدني الأوروبي والدبلوماسية الدولية لضمان حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة، مؤكداً أن التحولات الأخيرة تمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز موقف أوروبا كفاعل رئيسي في دعم السلام والاستقرار في المنطقة.