عاجل

رحلة كفاح أحمد زويل من التحديات في أمريكا إلى التتويج بجائزة نوبل في الكيمياء

الدكتورأحمد زويل
الدكتورأحمد زويل

يظل اسم العالم الراحل أحمد زويل محفوراً في ذاكرة المصريين والعالم أجمع باعتباره أحد أبرز العلماء الذين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ العلوم الحديثة ، فقد استطاع أن يضع مصر على الخريطة العالمية بإنجازاته الاستثنائية في مجال الكيمياء والفيزياء الضوئية، وحصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 عن أبحاثه الرائدة في مجال "الفيمتوثانية" التي غيرت مسار دراسة التفاعلات الكيميائية.

ورغم الشهرة العالمية التي حظي بها، فإن كثيراً من الجوانب الإنسانية والشخصية في حياة زويل بقيت طي الكتمان، ولم يعرفها سوى المقربون من أسرته ،وفي حوار خاص كشف نجله الدكتور هاني زويل عن أسرار وتفاصيل جديدة، بعضها يروى لأول مرة، تكشف عن الوجه الآخر للعالم الجليل بعيداً عن الأضواء والمختبرات.

رحلة إنسان قبل أن يكون عالماً

قال د. هاني زويل إن والده لم يكن مجرد عالم حاز الجوائز والأوسمة، بل كان إنساناً شديد البساطة والتواضع، يحرص على أن يعيش حياته الأسرية بشكل طبيعي بعيداً عن أجواء الشهرة ، وأضاف: "كان أبي يخصص وقتاً لنا مهما كانت مشاغله، ويعلمنا أن قيمة الإنسان ليست بما يملكه من مال أو مناصب، وإنما بما يقدمه للبشرية من نفع"، مؤكداً أن هذه القناعة كانت سر نجاحه في رحلته العلمية الطويلة.

وأشار إلى أن والده كان يرفض الرفاهية الزائدة، وكان مقتنعاً بأن حياة الباحث يجب أن تكون بسيطة، خالية من المظاهر، وهو ما انعكس على تربيته لأولاده الذين تعلموا قيمة العمل والاجتهاد أكثر من أي شيء آخر.

 

كواليس الحصول على نوبل.. لحظات لا تُنسى

من بين الأسرار التي كشفها د. هاني زويل أن لحظة إعلان حصول والده على جائزة نوبل كانت بمثابة مفاجأة هزت العائلة بأكملها ، فقد تلقى زويل الخبر في وقت متأخر من الليل، وكان أول رد فعله أنه التزم الصمت لدقائق، ثم قال: "الحمد لله.. هذا التكريم ليس لي وحدي، بل لكل المصريين".

ويضيف هاني أن والده رفض أن يحتفل احتفالاً صاخباً، وفضّل أن يكون الاحتفاء بالإنجاز في نطاق محدود، مؤكداً أن قيمة الجائزة تكمن في تأثيرها العلمي وليس في الأضواء الإعلامية ، وتابع قائلاً: "كان أبي يرى أن الجائزة هي وسيلة لإلهام الشباب المصري والعربي، وليست مجرد تكريم شخصي"، وهو ما يفسر إصراره على المشاركة في مؤتمرات علمية داخل مصر رغم ضغوط وقته والتزاماته الدولية.

الصعوبات والتحديات.. أسرار لم تُكشف من قبل

وكشف د. هاني أن والده عانى كثيراً في بدايات رحلته بالولايات المتحدة، حيث واجه صعوبات مالية وضغوطاً نفسية هائلة، لكن إيمانه بقدراته دفعه لتخطي كل العقبات ، وأوضح أن زويل كان يعمل لساعات طويلة تصل إلى 16 ساعة يومياً، ما بين أبحاث وتجارب، دون أن يشعر بالملل أو التعب، مؤكداً أن سر نجاحه كان في عزيمته التي لا تلين.

وأضاف أن أحمد زويل كثيراً ما كان يردد أمام أسرته: "من يزرع جهداً يحصد نجاحاً.. العلم لا يعطي أسراره إلا لمن يخلص له"، وهي العبارة التي ظلت بمثابة شعار يوجهه لأولاده وتلاميذه على حد سواء.

 

علاقة زويل بمصر.. حب لم ينقطع أبداً

على الرغم من حياته في الخارج، إلا أن ارتباط أحمد زويل بمصر لم يتوقف يوماً. يقول د. هاني: "كان أبي يشعر أنه يحمل مسؤولية تاريخية تجاه وطنه، وكان يحلم دائماً بأن يرى مصر في مكانة علمية متقدمة"، وهو ما دفعه لتأسيس مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا التي اعتبرها المشروع الحلم لإعداد أجيال جديدة من العلماء المصريين.

وأكد هاني أن والده كان يتابع عن كثب تطورات المشروع حتى في أصعب فترات مرضه، وكان يصر على أن يستكمل العمل فيه لأنه اعتبره "أهم إنجاز في حياته بعد نوبل".

الجانب الإنساني.. تفاصيل لم تظهر للإعلام

بعيداً عن الإنجازات العلمية، تحدث د. هاني عن الجانب الإنساني في شخصية والده قائلاً: "كان أبي شديد العاطفة، رغم صرامته الظاهرة، وكان يحب الموسيقى الكلاسيكية ويميل إلى قراءة الشعر العربي في أوقات فراغه". وأضاف أن العالم الجليل كان يفضل الجلوس مع أسرته على مشاهدة المباريات أو البرامج الترفيهية، مؤكداً أن تلك اللحظات البسيطة كانت مصدر سعادته الحقيقية.

وكشف أيضاً أن والده كان يساعد عدداً كبيراً من الطلاب المصريين على نفقته الخاصة، سواء في السفر للخارج أو استكمال دراستهم، دون أن يعلن ذلك للإعلام، إيماناً منه بأن "العطاء الحقيقي هو ما يبقى خفياً".

واختتم حديثه قائلاً: "أبي كان يؤمن أن مصر تستحق أن تكون في مقدمة الدول علمياً، وأن الاستثمار الحقيقي ليس في البترول أو الذهب، بل في العقول هذه الرسالة هي التي سنواصل حملها جيلاً بعد جيل"، مؤكداً أن إرث زويل سيظل مصدراً للفخر والإلهام لكل مصري وعربي.

تم نسخ الرابط