خبراء: تخدم مصالح مصنع بعينه وسترفع الاسعار... ارتفاع أسعار العقارات والأجهزة الكهربائية وزيادة تكلفة المشروعات القومية أبرز مخاطر الرسوم الجديدة
طالبوا بلقاء "مدبولي".. عشرات مصانع الحديد مُهددة بالغلق بسبب رسوم الإغراق

... خبراء ومتخصيين: خطورة فرض رسوم ١٦.٢٪ على البليت والصاج له انعكاساته السلبية وخراب بيوت… ولم يتم مناقشتنا فى القرار
... القرار يخدم مصالح مصانع بعينها ويدمر الباقي… وأصحاب المصانع يطالبون بلقاء عاجل مع "رئيس الوزراء" قبل تنفيذ القرار
أثار قرار المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، بفرض رسوم بنسبة ١٦.٢٪ على خام البليت والصاج حالة من الجدل بين الأوساط الصناعية، حيث أكد عدد منهم على خطورة هذا القرار وأثاره، وتعريض 22 مصنع من مصانع الصلب بالغلق التام وتشريد آلاف العمال، لما يمثله هذا القرار من خطورة شديدة على المصنعين لكونه أحد أهم المحاور الرئيسية ، التي تمس بشكل مباشر عصب الاقتصاد المصري، فى كافة القطاعات العقارية والصناعية الخاصة بالأجهزة الكهربائية وغيرها من الصناعات الهندسية.
انعكاس القرار على سوق العقارات
من جهته حذر المهندس فتح الله فوزي، رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، من تداعيات زيادة رسوم الإغراق المفروضة على البليت المستورد.
وأوضح فتح الله أن البليت والصاج يدخلان بشكل رئيسي في صناعة الحديد المستخدم في البناء والتشييد، وبفرض هذه الرسوم سترتفع تكلفة إنتاج الحديد بشكل ملحوظ، ما يترتب عليه زيادة في أسعار العقارات والوحدات السكنية، وهو ما يضاعف من أعباء المواطنين الباحثين عن سكن مناسب، خاصة مع الزيادة المستمرة في أسعار مواد البناء الأخرى.
وأضاف رئيس لجنة البناء والتشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن المطورين يسعون دائمًا لتقديم مشاريع بأسعار مناسبة، لكن مع ارتفاع تكلفة المواد الأساسية مثل الحديد، سيكون من الصعب الحفاظ على معدلات الربحية دون التأثير على الأسعار النهائية للمواطنين، مطالبا بضرورة دراسة آثار هذه الرسوم بعناية لضمان التوازن بين حماية الصناعة المحلية واستقرار السوق العقاري، وتجنب تحميل المواطنين أي أعباء إضافية.

ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية بعكس توجهات الحكومة
الصاج يُعد مادة أساسية في صناعة الأجهزة الكهربائية مثل الثلاجات، الغسالات، المراوح وغيرها، والرسوم المفروضة سترفع تكلفة الإنتاج المحلي، وبالتالي تنعكس على أسعار البيع للمستهلك النهائي، ومع اعتماد ملايين الأسر المصرية على هذه الأجهزة كاحتياجات أساسية، فإن القرار يزيد من الضغوط التضخمية على المواطن.
جورج زكريا، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية أكد أن قرار فرض رسوم على واردات الحديد الصاج سيؤدي إلى زيادة تكلفة إنتاج الأجهزة المنزلية والكهربائية، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلي، وهو ما سيكون معاكسا للتوجهات والمبادرات الحكومية بخفض الأسعار.
وأضاف رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية، أن اتحاد الصناعات تقدم بمذكرة لدولة رئيس الوزراء لإرجاء قرار فرض الرسوم، مشيرا إلى أن أسعار الطاقة ارتفعت على المصانع خلال الشهر الماضي مما أدي إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية، وتطبيق مثل هذه الرسوم سيؤدي إلى ارتفاع أكبر بكثير فى أسعار الأجهزة الكهربائية، وهو ما يخالف توجه الدولة المصرية نحو خفض الأسعار ودعم الصناعة الوطنية، متسائلا كيف نطالب بدعم الصناعة بينما نفرض رسوم على مكونات بعض الصناعات كالصاج المستخدم فى صناعة كافة الأجهزة الكهربائية كالثلاجات والغسالات وغيرها.
وتابع رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية بغرفة الجيزة التجارية أن تطبيق هذه الرسوم سيزيد من حالة الركود في الأسواق وسيُضعف القوة الشرائية للمواطنين، مما سيؤثرعلى الطلب على هذه المنتجات.

تأثير مباشر على المشروعات القومية
عدد من الخبراء أكدوا أن الحكومة هي أكبر مستخدم للحديد والصلب في مصر، حيث تعتمد عليه بشكل أساسي في بناء الطرق، الكباري، الإسكان الاجتماعي، والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات القومية، وأي زيادة في تكلفة الحديد تعني بالضرورة ارتفاع تكلفة هذه المشروعات، وهو ما يثقل كاهل الموازنة العامة للدولة، ويؤخر معدلات الإنجاز أو يضاعف التمويل المطلوب.
عمرو أبو فريخة، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، حذر من تداعيات قرار وزارة الاستثمار بزيادة رسوم الإغراق على البليت بنسبة 16.2%، مشيرًا إلى تأثيره المباشر على أسعار الحديد في السوق المحلي خلال الفترة المقبلة.
وأوضح رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية أن فرض رسوم الإغراق على البليت والصاج سيؤثر بشكل كبير على الأسعار الأيام المقبلة، واصفًا هذا القرار بـ"خراب بيوت" لأصحاب المصانع، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار في السوق المحلي وانخفاض الصادرات سيؤدي إلى اهتزاز الاستثمارات الأجنبية وتذبذب السوق المحلي وفقدان مكانة الصناعة المصرية في الأسواق التصديرية، والتي تم العمل طويلًا للحفاظ عليها.
وأضاف أبو فريخة أن الصاج خامة تنافسية عالميًا، وأن قرار تطبيق فرض رسوم الإغراق بنسبة 16.2% على البليت والصاج لا يستند إلى أي دراسة حقيقية، لا تعد هذه المرة الأولى التي تدرس فيها الحكومة فرض رسوم إغراق على واردات الحديد أو البليت. مشيرا إلى أنه خلال الأعوام السابقة، كان هناك عدد من القرارات المشابهة لهذا القرار، والتي أدت فى النهاية إلى ارتفاعات حادة في الأسعار تجاوزت في بعض الأحيان 10%، ما أثر سلبًا على المشروعات العقارية والتشييد، وأدى إلى تحميل المستهلك أعباء إضافية.
وتابع رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية أن هذه القرارات ساهمت أيضًا في تراجع عدد مصانع الصاج من 4 مصانع إلى مصنع واحد فقط، مما يعكس حجم التأثير السلبي للرسوم على الصناعة المحلية، مؤكدا أن الحل يكمن في أن تنظر الحكومة إلى المصلحة الاستراتيجية للبلاد، من خلال دعم السلع والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية، مثل مكونات السيارات والأجهزة المنزلية، مشيرًا إلى أن الصادرات الهندسية ارتفعت مؤخرًا لتصل إلى 6 مليارات دولار، وأن القرار الحالي يضر بهذه الصادرات.

أضرار اقتصادية واجتماعية
مما لاشك فيه يتضح مما سبق، أن قرار وزارة الاستثمار بفرض رسوم على البليت والصاج الوارد من الخارج، كان يجب أن يخضع لحوار مجتمعي بين كافة المصنعين لما له من آثار سلبية، مباشرة على الصناعة الوطنية والمستثمرين، وزيادة فى معدلات التضخم ، وضغط على القدرة الشرائية للمواطن المصري، وإضعاف لتنافسية الصناعة المحلية أمام المنتجات المستوردة، والذي بدوره سيهدد تهديد فرص الاستثمار في قطاع العقارات والتطوير العقاري نتيجة ارتفاع التكلفة.
فرض رسوم بنسبة ١٦.٢٪ على البليت والصاج لا يمثل مجرد قرار ضريبي أو جمركي، بل هو قرار اقتصادي ذو آثار سلبية متشعبة تمس المواطن البسيط، وتضغط على المستثمرين، وترفع تكلفة المشروعات القومية لذلك، فإن إعادة النظر في هذا القرار أصبحت ضرورة ملحة لتخفيف الأعباء عن الاقتصاد الوطني وحماية استقرار الأسواق.