أحمد مادوبي وولاية جوبالاند.. من مقاتل إلى رئيس إقليم استراتيجي

تصدرت ولاية جوبالاند الصومالية وزعيمها أحمد محمد إسلام، المعروف باسم أحمد مادوبي، عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة، بعد تقارير عن عبور مقاتلين إلى مقاطعة مانديرا الكينية وإقامة قاعدة لهم هناك، وهو ما نفته السلطات الأمنية الكينية، ومع تصاعد التوترات في المنطقة، يبقى السؤال الأهم لماذا تأسست ولاية جوبالاند؟ ومن هو هذا الزعيم المثير للجدل؟.
تحالف غير متوقع مع كينيا
في أكتوبر2011 عندما قررت كينيا التوغل في الصومال لملاحقة مقاتلي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، وجدت نفسها في تحالف غير متوقع مع أحمد مادوبي، قائد لواء رأس كامبوني الذي تحول لاحقًا إلى قوات أمن جوبالاند.
لعب مادوبي دورًا محوريًا في دعم عملية "ليندا نشي" الكينية، حيث وفرت قواته غطاءً حيويًا للتوغل الكيني في الأراضي الصومالية، وهو ما جعل مادوبي شريكًا استراتيجيًا في حماية حدود كينيا من هجمات حركة الشباب.
وأسهم هذا التعاون في تعزيز العلاقات بين جوبالاند وكينيا، ما أثار في الوقت نفسه حساسيات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو، خاصة بعد أن اتهم حاكم مانديرا، محمد عدنان خليف، وعضو مجلس الشيوخ علي إبراهيم روبا، قوات جوبالاند باحتلال مدرسة بوردر بوينت وان الابتدائية.
من الشباب إلى رئاسة جوبالاند
كان أحمد مادوبي في البداية أحد المؤسسين لحركة الشباب، حيث بدأ نشاطه ضمن اتحاد المحاكم الإسلامية الذي بسط سيطرته على مناطق واسعة في الصومال، إلا أنه تعرض لهزيمة قاسية على يد القوات الإثيوبية المدعومة من الولايات المتحدة، ليشهد تحولًا دراماتيكيًا في مسيرته.
نجا مادوبي من غارة أمريكية بطائرة مسيرة أودت بحياة العديد من رفاقه، لكنه اعتقل من قبل القوات الإثيوبية قبل أن يطلق سراحه لاحقًا ويؤسس لواء رأس كامبوني، الذي أصبح نواة قوات أمن جوبالاند، وفي عام 2012 شارك مادوبي مع القوات الكينية في السيطرة على ميناء كيسمايو الاستراتيجي وطرد حركة الشباب منه، وبعد ذلك أسس مادوبي مقره السياسي والعسكري في كيسمايو، حيث تم انتخابه لاحقًا رئيسًا لولاية جوبالاند.
تحول إلى زعيم سياسي
من قائد ميليشيا بلحية مصبوغة بالحناء إلى زعيم سياسي يرتدي بدلة رسمية، قدم مادوبي نفسه كـ زعيم انتقالي يحظى بقبول إقليمي ودولي، رغم خلفيته الجهادية السابقة، ورغم الدعم الذي تلقاه من كينيا، كانت الحكومة الفيدرالية في مقديشو ترفض نفوذه المتزايد، حيث دعمت مقديشو مرشحين آخرين في انتخابات رئاسة جوبالاند في محاولة لإقصائه.
لكن مادوبي استطاع أن يثبت نفسه ويصمد في وجه الضغوط، حيث استمر في حكم جوبالاند من خلال كيسمايو وسط حراسة مشددة ومقاتلين مدججين بالسلاح.
تقع ولاية جوبالاند في أقصى جنوب الصومال على الحدود مع كينيا وإثيوبيا، وتبلغ مساحتها 110 ألف كيلومتر مربع ويقطنها نحو 1.3 مليون نسمة.
يعد ميناء كيسمايو بوابة حيوية للتجارة، لكن يثير شكوكًا حول استفادة رجال الأعمال الكينيين أكثر من السكان المحليين، فيما تراه مقديشو تهديدًا لمصالحها، تواصل كينيا تعاونها مع مادوبي ضد حركة الشباب، مما يجعله حليفًا وخصمًا في ذات الوقت.
حالة من التوتر في جوبالاند ومقديشو
بينما يرى البعض أن مادوبي هو درع ضد الإرهاب وحليف ضروري في المعركة ضد حركة الشباب، يعتقد آخرون أنه يشكل شوكة في خاصرة الدولة الفيدرالية، وقد انعكس هذا التوتر في العلاقات السياسية بين جوبالاند ومقديشو.