أسامة عبد الحي: نصف أطباء مصر بالخارج و95 ألف فقط يخدمون 100 مليون مواطن

تمثل هجرة الأطباء المصريين واحدة من أبرز الأزمات التي تهدد مستقبل المنظومة الصحية في مصر، خاصة في ظل النقص الكبير في أعداد الأطباء المتواجدين داخل البلاد مقارنة بالعدد الكلي المسجل في النقابة.
وكشف الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب الأطباء، بالأرقام عن حجم الفجوة الطبية بين ما تمتلكه مصر من كوادر طبية وما هو متاح بالفعل لخدمة ملايين المواطنين. ومع إطلاق مبادرة "عودة الخبرات"، يطرح الشارع المصري تساؤلات حول إمكانية استعادة هذه الطاقات المهاجرة، وما إذا كانت الجهود الحالية كافية لمعالجة الأزمة من جذورها.
الأطباء في مصر.. أرقام صادمة تكشف حجم العجز
وأوضح أنه يبلغ عدد الأطباء المسجلين في النقابة نحو 230 ألف طبيب، لكن ما يعمل داخل مصر لا يتجاوز 95 ألف طبيب فقط، أي بمعدل 8.4 طبيب لكل 10 آلاف مواطن وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية. هذا المعدل يُظهر فجوة واضحة مقارنة بالمعايير الدولية التي تتطلب توافر أعداد أكبر لتغطية احتياجات السكان.
أين ذهب الأطباء المصريون؟ توزيع المهاجرين بالخارج
وتحولت الهجرة الطبية إلى ظاهرة خطيرة. وفقاً لتصريحات عبد الحي، فإن أكثر من نصف الأطباء المصريين يعملون بالخارج، حيث يتوزع وجودهم كالتالي:
60 إلى 70 ألف طبيب في المملكة العربية السعودية.
10 آلاف طبيب تقريباً في بقية دول الخليج.
20 ألف طبيب في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
هذا التوزيع يوضح أن الدول العربية والأجنبية تجذب الكفاءات المصرية بما توفره من رواتب مرتفعة، بيئة عمل أفضل، وتقدير أكبر للجهود الطبية.
أسباب هجرة الأطباء.. عوامل طرد وجذب
الهجرة الطبية ليست قراراً سهلاً بالنسبة للطبيب، لكنها غالباً ما تكون نتيجة لمزيج من الضغوط الداخلية والإغراءات الخارجية.
أبرز عوامل الطرد:
ضعف الرواتب مقارنة بحجم الجهد والمسؤوليات.
بيئة عمل مرهقة مع نقص الإمكانيات.
اعتداءات متكررة على الأطباء في بعض المستشفيات.
قلة فرص التدريب والتخصص المتقدم داخل مصر.
عوامل الجذب في الخارج:
رواتب مجزية وحوافز مالية سخية.
أنظمة صحية متطورة وبيئة عمل آمنة.
فرص متقدمة للتخصص والبحث العلمي.
احترام مجتمعي ومهني أكبر لمهنة الطب.
مبادرة "عودة الخبرات".. رؤية للنقابة
أكد الدكتور أسامة عبد الحي أن مبادرة "عودة الخبرات" لن تكون مجرد شعارات أو كلام إنشائي، وإنما خطة عملية تهدف إلى معالجة أسباب الهجرة من جذورها. الفكرة تقوم على:
تقليل عوامل الطرد داخل مصر عبر تحسين الرواتب وتطوير بيئة العمل.
الاقتراب من عوامل الجذب عبر توفير فرص تدريب وتخصص أفضل.
استثمار خبرات الأطباء العائدين في تطوير المنظومة الصحية وتدريب الأجيال الجديدة.
تأثير هجرة الأطباء على المنظومة الصحية
انعكاسات هذه الظاهرة لم تعد خافية على أحد:
نقص الأطباء في المستشفيات الحكومية.
ضغط شديد على الأطباء المتبقين داخل مصر.
زيادة قوائم الانتظار للمرضى.
تراجع جودة الخدمة الطبية.
تهديد الأمن الصحي في حال حدوث أزمات أو كوارث صحية.
حلول مقترحة لمواجهة الأزمة
لا يكفي الحديث عن المبادرات، بل يجب وضع خطط شاملة تتضمن:
زيادة الأجور بشكل يتناسب مع حجم المسؤوليات.
توفير بيئة عمل آمنة تمنع الاعتداءات على الأطباء.
فتح قنوات للتدريب المتخصص داخل مصر بالتعاون مع الجامعات العالمية.
تشجيع البحث العلمي وتطوير المستشفيات الجامعية.
تقدير مجتمعي ومهني أكبر لمكانة الطبيب.
وتظل هجرة الأطباء المصريين تحدياً وطنياً يحتاج إلى تكاتف جميع الأطراف: الدولة، النقابة، والمجتمع. فالأطباء هم الركيزة الأساسية لأي نظام صحي ناجح، وفقدانهم يعني خسارة سنوات طويلة من التعليم والخبرة نجاح مبادرة "عودة الخبرات" مرهون بالقدرة على معالجة أسباب الهجرة وتوفير بيئة عمل عادلة ومحفزة. وفي ظل التحديات الراهنة، يبقى الأمل في أن تجد هذه القضية الاهتمام الذي تستحقه قبل أن يتحول العجز إلى أزمة صحية يصعب علاجها.