باطلة أم مكروهة.. هل صلاة المأموم أمام الإمام صحيحة؟| ماذا يقول الفقهاء

هل صلاة المأموم أمام الإمام صحيحة؟، سؤال أجابه عنه الشيخ السيد مرعي زاهر واعظ عام، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف.
هل صلاة المأموم أمام الإمام صحيحة؟
وقال في بيان: ما حكم صلاة المأمومين أمام الإمام، خصوصا في المناسبات الكبرى كصلاة العيدين أو صلاة الجمعة أو صلاة الجنازة، بسبب الازدحام الشديد؟
أولا : ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، إلى أن صلاة المأموم أمام الإمام في جهته، باطلة وغير صحيحة، ويجب عليه أن يعيد الصلاة؛ لأن من شروط صحة الإمامة ، أن لا يتقدم المأموم على إمامه في جهته؛ ولأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سن أن يكون الإمام أمام المأمومين؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ ولأن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما صلى عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم من وراء ظهره ، مع أن إدارته من بين يديه أسهل وأيسر، فدل ذلك على عدم جواز تقدم المأموم على الإمام .
قال الإمام السرخسي من الحنفية : وإن تقدم المقتدي على الإمام، لا يصح اقتداؤه به .
وقال الإمام النووي من الشافعية : إذا تقدم المأموم على إمامه، في الموضع فقولان مشهوران الجديد الأظهر لا تنعقد .
وقال الإمام النووي حاكياً المذاهب في المسألة : ( فَرْعٌ ) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي تَقَدُّمِ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ . وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَحْمَدُ ، وَقَالَ مَالِكٌ ، وإسحق ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَدَاوُد : يَجُوزُ. هَكَذَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُمْ مُطْلَقًا ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ ، وإسحاق ، وأبي ثور ، إذا ضاق الموضع.
وقال الإمام ابن قدامة من الحنابلة : السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام، فإن وقفوا قدامه لم تصح .
صلاة المأموم أمام الإمام
ثانيا: ذهب السادة المالكية إلى أن صلاة المأموم أمام الإمام، تصح مع الكراهة إن كان ذلك بغير عذر، أما إن كان هناك عذر كالزحام الشديد، ولا يوجد مكان بالفعل خلف الإمام ، وليس تكاسلا وتساهلا ، فالصلاة تصح بغير كراهة .
قال صاحب مواهب الجليل شرح مختصر خليل": {(فرع) قال في " المدخل": تَقَدُّمُ المصلي على الإمام والجنازةِ فيه مكروهان؛ أحدهما: تقدمه على الإمام، والثاني : تقدمه على الجنازة . انتهى بالمعنى . فعلى هذا يكون التقدمُ على الجنازة مكروهًا فقط ، وتصح الصلاة سواء كان المتقدم إمامًا أو مأمومًا}.
وقال صاحب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: {(تنبيهان) : الأول : عُلِم مما قررنا أن هذا الترتيب وكذا الوقوف خلف الإمام مستحب ، وخلافه مكروه ، ومحل كراهة التقدم على الإمام ومحاذاته حيث لا ضرورة }.
وفي حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني: {وإن تَقَدَّمَ المأْمُومُ لعُذرٍ؛ كضِيقِ المَسجِدِ جازَ مِن غيرِ كَراهةٍ}.
ثالثا: رجح ابن تيمية جواز الصلاة إن تقدم المأموم لحاجةٍ، وذكر أنه مذهب كثير من أهل العلم، فقال: صلاة المأموم قدام الإمام، فيها ثلاثة أقوال: ... والثالث: أنها تصح مع العذر دون غيره، مثل ما إذا كان زحمة، فلم يمكنه أن يصلي الجمعة، أو الجنازة إلا قدام الإمام، فتكون صلاته قدام الإمام، خيراً له من تركه للصلاة. وهذا قول طائفة من العلماء، وهو قول في مذهب أحمد وغيره. وهو أعدل الأقوال وأرجحها.
رابعا: المختار للفتوى هو: إن كان هناك زحام شديد ولا يوجد مكان بالفعل خلف الإمام، سواء في المسجد أو في الطرقات الخلفية والجانبية للإمام، فهذه ضرورة وهم معذورون وصلاتهم صحيحة على المختار للفتوى من أقوال الفقهاء.
أما إن كان هناك تساهل وتكاسل من المصلين، مع وجود أماكن جانبية أو خلفية فارغة في المسجد أو الطرقات، فتكون صلاتهم في هذه الحالة باطلة وغير صحيحة كما قال جمهور الفقهاء.