الولايات المتحدة تحاصر فنزويلا بحريًا تحت مزاعم محاربة تهريب المخدرات

في تصعيد جديد يثير القلق على المستوى الدولي، نفذت الولايات المتحدة مؤخراً ضربة بحرية استهدفت سفينة مزعومة محملة بالمخدرات قبالة السواحل الفنزويلية، ما أثار جدلاً واسعاً بين الدبلوماسيين الأوروبيين والأمريكيين والفنزويليين حول القانون الدولي وحدود العمليات البحرية.
وأشار مسؤولون من فنزويلا وأوروبا إلى أن عمليات مكافحة المخدرات البحرية غالباً ما تتجاوز الأطر القانونية، مستشهدين بحالات مشابهة في خليج غينيا والمياه الإقليمية حول جزر الكاريبي، حيث تتحدى الزوارق السريعة للمهربين السفن الرسمية، مما يثير مخاوف من انتهاك حرية الملاحة وافتعال أزمات دبلوماسية.
في نفس الوقت، عبر دبلوماسيون فنزويليون وأمريكيون عن تحذيراتهم من تصعيد التوتر عبر تسييس هذه العمليات، مؤكدين أن نشر الولايات المتحدة سبع سفن حربية وأكثر من 4500 جندي، منهم 2200 من مشاة البحرية الأمريكية، قرب السواحل الفنزويلية قد يشير إلى إمكانية فرض حصار بحري يستهدف تعطيل صادرات النفط، مما يزيد الضغوط السياسية والاقتصادية على الحكومة الفنزويلية.
بدوره، وصف الخبير الدولي أوليفييه فالي هذا التحرك بأنه رسالة استراتيجية معقدة، تتجاوز مجرد مكافحة المخدرات، وتهدف إلى اختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية، بما في ذلك مواقف الصين وروسيا، عبر تحريك القوات البحرية والجوية قرب فنزويلا.
على صعيد السياسة الأمريكية في أمريكا اللاتينية، يقود الملف ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي الذي يركز اهتمامه على فنزويلا والإكوادور والمكسيك، وفي أعقاب الضربة البحرية، حيث التقى روبيو بالرئيسة المكسيكية كلوديا شاينباوم، معلنين تأسيس "قواعد تعاون ثنائية جديدة" لمكافحة الكارتلات وتنسيق الجهود الأمنية عبر الحدود.

مزاعم محاربة تهريب المخدرات
ووفقاً لتقارير صحفية مكسيكية، شكلت الدولتان مجموعة عمل رفيعة المستوى لمتابعة الإجراءات ضد تهريب المخدرات، ومراقبة تجارة الأسلحة غير المشروعة، وتعزيز الأمن على الحدود، رغم غياب التفاصيل الدقيقة حول التنفيذ.
في الإكوادور، أبدى روبيو ارتياحه لعلاقات التعاون مع الرئيس دانييل نوبوا، الذي أعلن حالة الطوارئ لنشر الجيش ضد الجريمة المنظمة، مؤكداً أن هذه الخطوات تصب في مصلحة حماية الولايات المتحدة وأسلوب حياتها، حسب تصريحات نقلها فالي.
ويرى فالي أن واشنطن تراهن على قادة محليين من اليمين في أمريكا اللاتينية لتعزيز نفوذها، على غرار تجربة الرئيس السلفادوري نيب بوكيلي، الذي حقق شعبية عبر مكافحة الجريمة وحظي بدعم إدارة ترامب، رغم انتقادات حقوق الإنسان.
الهدف الأمريكي بإسقاط النظام في فنزويلا
في المقابل، يظل هدف الولايات المتحدة الرئيسي في المنطقة هو تغيير النظام في فنزويلا وإنهاء حكم نيكولاس مادورو، الذي لا يعترف به البيت الأبيض إثر إعادة انتخابه في يوليو 2024، وُصِف بأنه "زعيم كارتل الشموس"، مع مكافأة مالية قدرها 50 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
وقال ترامب بعد الضربة البحرية إن كارتل "ترين دي أراجوا" يدار من قبل مادورو نفسه، في مؤشر إلى تكثيف الضغط الأمريكي على النظام الفنزويلي.
ومنذ 20 أغسطس، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري بإرسال سبع سفن حربية و4500 جندي إلى المنطقة، مما يعزز احتمال فرض حصار بحري يعيق تصدير النفط الفنزويلي ويزيد الضغوط الاقتصادية والسياسية على الحكومة.
يرى فالي أن رفع المكافأة المالية في هذا التوقيت يحمل رسالة سياسية دولية واضحة تعكس رغبة واشنطن في إعادة فرض نفوذها في المنطقة، رغم تداعيات ذلك على سيادة فنزويلا والدول المجاورة.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة، يرى الخبير أن الضربات البحرية قد لا تقتصر على الردع فقط، بل قد تسبق عمليات برية يشترك فيها مرتزقة كوبيون وأمريكيون مدعومون من الأسطول الأمريكي.
وأوضح أن تعبئة مليوني ميليشيا محتملة في فنزويلا يشكل ورقة سياسية وعسكرية لردع الجيش من المواجهة المباشرة، مع اعتماد نموذج شبيه بحرس الثورة الإيراني.
كما اعتبر فالي أن الولايات المتحدة تستخدم هذه التحركات كجزء من "دبلوماسية المدفعية"، لإرسال رسالة تحذيرية واضحة لمنع أي تحديات لمصالحها في منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، دون الوصول إلى مواجهة عسكرية مباشرة حتى الآن.