انطلاق فعاليات الأسبوع الدعوي الحادي عشر لمجمع البحوث الإسلامية

انطلقت اليوم أولى فعاليات الأسبوع الدعوي الحادي عشر لمجمع البحوث الإسلامية، والذي تعقده الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة بالتعاون مع الجامع الأزهر، تحت شعار "سيرة ميلاد وبناء أمجاد"، بحضور فضيلة الدكتور حسن يحيى، أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، وفضيلة أ.د/ أشرف شعبان، الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء فضيلة الشيخ يوسف المنسي، عضو الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة.
في بداية اللقاء أكد فضيلة الدكتور أشرف شعبان، الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن حب النبي ﷺ شرط أساسي لكمال الإيمان: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)، أن فضل الرسول ﷺ على البشرية عظيم، فهو الذي أخرجها من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهداية والإيمان، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾، ولهذا، لا يمكن أن يكتمل إيمان المرء إلا إذا كان حب النبي ﷺ يتقدم على حب كل شيء آخر.
وأوضح أستاذ الدعوة أن الصحابة -رضوان الله عليهم- ضربوا أروع الأمثلة في الأدب والتقدير لمقام النبي ﷺ، فقد بلغ إجلالهم له مبلغًا عظيمًا، وأضاف أنهم كانوا لا يرفعون أصواتهم فوق صوته ﷺ، ويجلسون بين يديه ﷺ في سكينة ووقار كأن على رؤوسهم الطير، وكانوا يطرقون بابه ﷺ في لين وتقدير لمقامه الشريف ﷺ، وأكد على أن هذا الأدب لم يقتصر على الأفعال فقط، بل امتد ليشمل الخطاب أيضًا، فلم يكونوا ينادونه ﷺ إلا بـ "يا رسول الله"، احترامًا وتوقيرًا لشخصه الكريم.
وبين أستاذ الدعوة، أن الأدب مع النبي ﷺ وإظهار محبته يكسب العبد رضوان الله سبحانه وتعالى، أن من أحب النبي ﷺ، أحبه الله، ومن أحبه الله أكرمه ورفع قدره في الدنيا والآخرة، كما أن محبة النبي ﷺ تدفع المسلم إلى الاقتداء بأخلاقه وسلوكه في معاملاته مع الناس، وعباداته، وكل أمور حياته، ليصبح قدوة حسنة كما كان هو ﷺ، فكل عمل يقوم به المسلم اقتداءً بالنبي ﷺ يضاعف أجره، لأن فيه جمعًا بين العبادة والاتباع.
من جانبه أضاف أمين اللجنة العليا للدعوة، أن الأدب مع رسول الله ﷺ واجب، لأن النبي حرر رقابنا من النار وأسدى لنا المعروف كله، لذلك فإن أقل ما يقدم لمقامه الشريف ﷺ هو الأدب والحب وحسن الاتباع والاقتداء به ﷺ، وهو شيء يسير في مقابل الفضل العظيم الذي أسداه لنا، مبينا أن مظاهر الأدب مع الرسول ﷺ كثيرة، منها في الكلام، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، مشيرا إلى أن سوء الادب مع الرسول ﷺ يحبط عمل المرء، وفي المقابل من يحسن الأدب مع الرسول ﷺ فإن له أجر عظيم، قال تعالى، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
أوضح أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف أن الناس في مسألة الأدب مع الرسول ﷺ ينقسمون إلى فريقين: الأول هو الذي تحلى بالأدب الكامل مع الرسول ﷺ، فقبِل كل ما جاء به دون تردد أو اعتراض، والآخر: هو الذي أنكر جزءًا مما جاء به النبي ﷺ، متذرعًا بـإعمال العقل والفكر، مشيرًا إلى أن مثل هذا الفريق لا يحسن الأدب لإن إنكار شيء مما جاء به الرسول ﷺ هو من باب سوء الأدب، لأنه لا يمكن تحقيق الأدب الكامل مع الرسول ﷺ مع وجود إنكار لما جاء به من الحق سبحانه وتعالى، فمن ادعى الأدب مع الرسول ﷺ، ثم رفض أو أنكر شيئًا من سنته أو أوامره ﷺ، فإنه قد أخل بهذا الأدب إخلالًا كبيرًا، فالتسليم المطلق لله ورسوله هو جوهر الأدب، ومفتاح الإيمان الصادق.
وأضاف أمين اللجنة العليا للدعوة أن القرآن الكريم علمنا الأدب مع الرسول ﷺ من خلال خطابه للمؤمنين، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا﴾، ولولا أن مقام النبي ﷺ كبير لما أنزل الحق سبحانه وتعالى قرآن يتلى في كيفية التعامل مع مقامه الشريف ﷺ في مثل هذه الأمور البسيطة، وفي هذا إشارة إلى أن الذين يتجرؤون على مقام الرسول الكريم أو ينكرون شيئًا مما جاء به ﷺ، إنما يقترفون ذنبًا عظيمًا بصنيعهم.
وذكر أمين اللجنة العليا للدعوة بالأزهر أن إساءة الأدب مع الرسول ﷺ تقتضي العذاب الأليم، وهو أمر منصوص عليه في القرآن الكريم، لكيلا يأتي أحد وينكر على مقامه الشريف ﷺ هذه المكانة العظمية التي منحها له الحق سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
في ختام اللقاء قال فضيلة الشيخ يوسف المنسي، إن الأدب مع النبي ﷺ يقتضي الأدب مع شخصه الكريم ﷺ في حياته وبعد وفاته ﷺ ، وأضاف أن الأدب مع الرسول صلي الله عليه وسلم لا يكتمل إلا بالحب، لأنه "عنوان الأدب"، مضيفًا أن العلماء الإجلاء من باب تأدبهم مع رسول الله ﷺ ذكروا أن ذكر أسم النبي ﷺ بدون لفظ السيادة مناف للتعظيم والأدب مع مقام النبوة المشرف، لأن في تقديم لفظ السيادة هو مظهر من مظاهر الأدب مع الرسول ﷺ، لأن الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عندما خاطب النبي لم يخاطبه باسمه مجردًا، إلا في مرة وأحدة.
جدير بالذكر أن الأسبوع الدعوي الذي تشرف عليه وتنظمه اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، يهدف إلى تعزيز الوعي الديني الصحيح، ومواجهة الأفكار المتطرفة، ونشر تعاليم الإسلام السمحة، من خلال طرح علمي لنخبة من كبار العلماء والدعاة، ويعكس الأسبوع الدعوي حرص الأزهر الشريف على التواصل المباشر مع الجمهور، وتقديم الإرشاد الديني بطريقة مبسطة وميسورة