التلي .. حكاية قماشة مصرية أبهرت العالم من أسيوط إلى هوليوود

التلي هو واحد من أعرق الفنون التراثية المصرية التي ما زالت تحافظ على بريقها حتى اليوم وتتكون صناعته من إبرة وشرائط ذهبية أو فضية ومع نسيج شبكي أسود أو عاجي اللون، لتبدع المرأة الأسيوطية زخارف وموتيفات مبهرة على الطرح والشالات والأثواب. هذا الفن لم يكن مجرد تطريز عادي بل لغة جمالية تعيد الأسطورة إلى الحياة وتعكس عمق الهوية المصرية.
أصل التسمية وجذور التلي في مصر القديمة
يرجح الباحثون أن اسم “التلي” مشتق من كلمة Tulle الفرنسية، وهو نوع من الأقمشة الشبكية ورغم ذلك فإن جذور التلي تعود إلى مصر القديمة، حيث زخرفت الملابس والنقوش باستخدام خيوط معدنية لامعة.
وبدأ التلي في الانتشار في أسيوط منذ أواخر القرن التاسع عشر، ليصبح جزء أساسي من زي النساء في المناسبات والأفراح خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.

انحدار وعودة التلي من جديد
ومع دخول الأقمشة الصناعية وتغير الموضة، تراجع الطلب على التلي تدريجيا حتى كاد أن يختفي لكن الفنان التشكيلي سعد زغلول أسس عام 1994 “بيت التلي ومركز شندويل” للحفاظ على هذا الفن. ومن هنا بدأت مجموعة من السيدات في أسيوط إعادة إحياء هذه الحرفة، لتظل رمز للأصالة المصرية ولتنقل خبراتها إلى الأجيال الجديدة.
من معرض شيكاغو إلى اكتشاف توت عنخ آمون
لم يقتصر التلي على مصر فقط، بل وصل إلى العالمية فقد تم استيراده لأول مرة إلى الولايات المتحدة خلال معرض شيكاغو عام 1893، كما ازدادت شهرته عالميا بعد اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922، حين انتشرت صيحات الموضة المستوحاة من الطراز المصري القديم.

التلي وأيقونات الفن والأزياء
ارتدى التلي نجوم الفن في مصر مثل سامية جمال وتحية كاريوكا وزينات صدقي، وملكة جمال الكون المصرية شارلوت واصف، ليصبح التلي رمزا للأناقة المصرية الأصيلة.
كما ظهر على السجادة الحمراء العالمية فقد ارتدته نجمة هوليوود هيدي لامار في فيلم Samson and Delilah عام 1949، وكذلك باربرا سترايساند، وميا فارو، وإليزابيث تايلور. وحتى النجم توم كروز ظهر بلمسات من التلي في فيلم Rock of Ages عام 2012.

التلي في الأزياء العالمية الحديثة
لم يتوقف سحر التلي عند الماضي، بل ألهم دور الأزياء الكبرى مثل ديور، وجان بول جوتييه، وفالنتينو، الذين أعادوا تقديمه في مجموعاتهم العالمية. هذه الإبداعات جعلت التلي حاضرا على منصات الموضة العالمية، لكن بروح مصرية خالصة تدمج بين التراث والحداثة.