عاجل

نتنياهو يحفر قبر العلاقات الإسرائيلية مع العالم العربي

نتنياهو
نتنياهو

مع انسحاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جدول أعمال "الكابينت" نهاية الأسبوع الماضي لمناقشة موضوع ضم الضفة الغربية، بعد تحذيرات عربية حادة، ظلت القضية معلقة في انتظار قرار نتنياهو بين الحفاظ على الاتفاقات الإبراهيمية مع الدول العربية وتوسيعها المحتمل، أو الاستجابة لضغوط اليمين المتطرف في حكومته الذي يصر على ضم الضفة الغربية وأجزاء من أراضٍ مجاورة إذا سنحت له الفرصة، متجاهلاً بذلك السلام مع الفلسطينيين والعرب، في سبيل تحقيق ما يسميه "حلم إسرائيل الكبرى".

ولم يعلن نتنياهو موقفاً صريحاً بشأن هذه القضية، لكنه أصدر تعليمات لوزرائه بوقف التصريحات المتعلقة بضم الضفة، رغم استمرار النقاشات المكثفة داخلياً حولها، وسط تحذيرات بأن المضي قدماً في تنفيذ الضم قد يؤدي إلى إنهاء العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي، لا سيما أن الإمارات العربية المتحدة قد رسمت خطًا أحمر على ضم الضفة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان" أن النقاشات مستمرة حول احتمال فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، كرد فعل على تحركات فرنسا للاعتراف بدولة فلسطينية. 

وركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية السبت على التحذير العلني غير المسبوق الذي أصدرته الإمارات بشأن اعتبار ضم الضفة خطاً أحمر، مؤكدة ما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" حول إعادة نتنياهو النظر في خططه، إثر هذا التحذير الصادر من أبوظبي.

وجاء الإعلان العلني الإماراتي بعد سلسلة تحذيرات سرية أرسلتها أبوظبي لإسرائيل، بحسب مصدرين تحدثا لصحيفة "واشنطن بوست"، حيث أبدت الإمارات إحباطها من عدم استجابة نتنياهو لتلك المطالب غير المعلنة، فيما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المؤيد لفرض السيادة على الضفة، كان على الأرجح من تسلم هذه الرسائل التحذيرية.

الضفة الغربية
الضفة الغربية

موقف مفاجئ من الإمارات على إسرائيل

واعترف مصدر إسرائيلي بأن موقف الإمارات العلني كان بمثابة مفاجأة لإسرائيل، قائلاً: "أبدت الإمارات قلقها بشأن الضم عبر قنوات أخرى، لكن هذا البيان كان غير متوقع وغير معتاد".

وينتظر الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء قرار نتنياهو النهائي: هل سيتراجع عن خطط الضم أم سيستسلم مجدداً لضغوط اليمين المتطرف؟ ورأت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الأمر غير واضح حتى الآن، خصوصاً مع تنامي الانتقادات الدولية ضد إسرائيل.

ويتعرض نتنياهو لضغوط غير مسبوقة من وزرائه المتشددين الذين يطالبون بتنفيذ الضم، خاصة بعد حملة الهجوم التي شنها اليمين ضد مواقف بريطانيا وفرنسا الداعمة للاعتراف بدولة فلسطينية، حيث قالت مصادر إسرائيلية إن تحرك فرنسا الأخير شجع التيار اليميني على المطالبة بإجراءات مضادة لم تكن ممكنة من قبل، خاصة بعد إعلان بعض الدول الغربية اعترافها المحتمل بفلسطين.

سموتريتش وبن غفير
سموتريتش وبن غفير

أحلام سموتريتش بضم الضفة

وفي الأسبوع الماضي، دعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش نتنياهو إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على 82% من مساحة الضفة الغربية، مع ترك 18% فقط للفلسطينيين، وفق ما وصفه بـ"أقصى مساحة مع أقل عدد من العرب".

ورغم ذلك، لا يُعتقد أن نتنياهو سيقبل بطلب ضم 82% من الضفة، لكنه قد يركز على ضم منطقة الأغوار الحدودية وبعض المستوطنات الأخرى، متجاهلاً بذلك تأثير ذلك على علاقات إسرائيل مع الدول العربية.

من جهتها، أكدت مصادر في السلطة الفلسطينية لـ"الشرق الأوسط" أن السلطة والدول العربية والعالم بأسره يرفضون هذه المحاولات، ويتوقعون أن نتنياهو سيحاول ضم أجزاء محددة فقط كمنطقة غور الأردن ومستوطنة كبيرة في الضفة، في محاولة لتجاوز الأزمة.

وتشكل منطقة الأغوار نحو 30% من مساحة الضفة الغربية، تشمل تجمعات عربية، فيما تمثل المستوطنات حالياً 3.6% من مساحة الضفة مع مناطق نفوذ تصل إلى 9.6%.

حتى ضم مساحة أقل من ذلك قد يعرض الاتفاقات الإبراهيمية للخطر، وهو ما يخشى منه كثير من الإسرائيليين. ففي مقال نشرته "تايمز أوف إسرائيل"، حذرت كسينيا سفيتلوفا، العضوة السابقة في الكنيست، من أن إصرار الحكومة على ضم الضفة سيقضي على مستقبل العلاقات مع الدول العربية المحيطة.

وأوضحت سفيتلوفا أن سياسة تل أبيب تثير غضب وتساؤلات في العواصم العربية التي تطمح إلى شرق أوسط مختلف، مشيرة إلى أن إسرائيل بعد عامين من الحرب ما زالت غير قادرة على الخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه.

وحذرت من أن ضم الضفة لن يدفع فقط الإمارات إلى اتخاذ موقف صارم، بل سيشمل البحرين والمغرب وربما مصر والأردن، متسائلة ما إذا كان نتنياهو، الذي كان يفتخر باتفاقات إبراهيم، سيخضع لضغوط سموتريتش وإيتمار بن غفير، ويضحي بالعلاقات مع الدول العربية، معيداً إسرائيل إلى عزلة مشابهة لما كانت عليه عام 1948، مضيفة: "إذا لم يتمكن نتنياهو من كبح جماح شركائه المتطرفين، فسيتحول إلى حفار قبر العلاقات الإسرائيلية - العربية التي استمرت على مدار 76 عاماً".

تم نسخ الرابط