مها عبد الناصر تكشف كواليس معارضة قانون «تأجير المستشفيات» تحت قبة البرلمان

أكدت الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أنها من أبرز الرافضين لمشروع قانون "تأجير المستشفيات" المعروف باسم "منح الالتزام"، مشيرة إلى أن هذا المشروع مثّل أحد أكثر القوانين المثيرة للجدل خلال مناقشاته داخل البرلمان.
وأوضحت "عبد الناصر"، خلال لقائها في برنامج "السياسة أسرار" مع الإعلامية هند مختار، المذاع على قناة "هي"، أن موقفها الرافض لم يكن موجهاً ضد مبدأ التطوير أو الاستثمار، وإنما ضد تحويل الخدمات الصحية الأساسية إلى مشروعات هادفة للربح على حساب المواطن المصري البسيط.
صحة المصريين خط أحمر
وشددت مها عبد الناصر على أن الصحة والتعليم في مصر لا ينبغي التعامل معهما باعتبارهما سلعة، بل هما حقوق أساسية للمواطنين، وواجب على الدولة تقديمها بجودة عالية بعيدًا عن منطق الربحية. وأكدت أن أي محاولة لتحويل المستشفيات القائمة إلى مشروعات استثمارية ستؤثر بشكل مباشر على جودة العلاج وإمكانية حصول المواطنين عليه بتكلفة مناسبة.
وأضافت أن مشروع القانون، بصورته التي طُرحت، كان يشبه إلى حد كبير نقل تبعية المستشفى القائم إلى مستثمر أجنبي أو محلي يسعى إلى تحقيق أرباح، وهو ما يشكل خطورة بالغة على حق المصريين في العلاج. واعتبرت أن الأفضل هو توجيه الاستثمارات إلى إنشاء مستشفيات جديدة، بدلاً من منح المستثمرين الحق في استغلال المستشفيات العامة القائمة بالفعل.
رؤية معارضة داخل البرلمان
وأشارت "عبد الناصر" إلى أن رفضها لمشروع القانون لم يكن موقفًا فرديًا، بل وجد صدى لدى عدد من النواب الذين شاركوها نفس القلق على مستقبل المنظومة الصحية في حال تمرير مثل هذا التشريع. وأكدت أن واجب البرلمان الحقيقي هو حماية حقوق المواطنين وضمان عدم المساس بمصالحهم الحيوية، وفي مقدمتها الصحة والتعليم.
وأضافت مها عبد الناصر أن التجارب الدولية تؤكد أن خصخصة المستشفيات العامة أو منحها للمستثمرين بهدف الربح لا يؤدي غالبًا إلى تحسين الخدمة، بل إلى زيادة الأعباء على المواطنين، وهو ما يتعارض مع فلسفة العدالة الاجتماعية التي نص عليها الدستور المصري.
التعليم قضية بلا صاحب
وانتقلت مها عبد الناصر إلى الحديث عن ملف التعليم، واصفة إياه بأنه "ملف مالوش صاحب"، مؤكدة أن تطوير التعليم ليس مسؤولية وزير بعينه أو حكومة بعينها، بل قضية وطنية تتطلب رؤية استراتيجية شاملة تتوارثها الحكومات المتعاقبة.
وقالت مها عبد الناصر إن التعليم الجيد لا يمكن أن يقوم على قرارات متفرقة أو سياسات قصيرة المدى، بل يحتاج إلى خطة موحدة تستند إلى رؤية متكاملة تشمل المناهج، والأنظمة التعليمية، وتدريب المعلمين، وربط التعليم بسوق العمل.
دعوة لتوحيد الأنظمة التعليمية
وأشارت "عبد الناصر" إلى أن مصر اليوم تعاني من تعدد وتباين في الأنظمة التعليمية، وهو ما يخلق فجوة واسعة بين الطلاب، ويؤدي إلى تفاوت كبير في مستوى الخريجين، داعيًا إلى ضرورة توحيد الأنظمة التعليمية قدر الإمكان، بحيث يحصل كل طالب مصري على فرصة عادلة في تلقي تعليم متميز.
وأضافت مها عبد الناصر أن التعليم، مثل الصحة، يعد أساس بناء الدولة الحديثة، مؤكدة أن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان المصري عبر توفير تعليم جيد ورعاية صحية شاملة، وليس عبر تحويل هذه الخدمات إلى مجالات استثمارية بحتة.
البرلمان بين التشريع والرقابة
وشددت على أن البرلمان ليس مجرد جهة لإصدار القوانين، بل هو أيضًا مؤسسة رقابية تتابع كيفية تطبيق هذه القوانين وتأثيرها على المواطنين. وأكدت أنها ستظل حريصة على التصدي لأي مشروعات أو قوانين تمس حق المصريين في الصحة والتعليم، لأن هذه الملفات لا تحتمل المغامرة أو التجارب غير المدروسة.
واختتمت "عبد الناصر" حديثها بالتأكيد على أن معركة حماية الصحة والتعليم ستظل قائمة داخل البرلمان وخارجه، داعية إلى أن يكون صوت المواطن البسيط هو المعيار الأول في أي نقاش تشريعي.