عاجل

انعقاد الدورة الثالثة للأئمة في قضية الغرم بأوقاف أسيوط

ندوة الغرم بأوقاف
ندوة الغرم بأوقاف أسيوط

انعقدت صباح اليوم الاثنين الموافق 1 سبتمبر 2025م الدورة الثالثة للأئمة، وذلك بمقر مركز الثقافة الإسلامية بمحافظة أسيوط، قضية الغُرَم (الديون وما يترتب عليها من تبعات).

استهل الدكتور عيد على خليفة، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، كلمته الافتتاحية بالتأكيد على أن الغُرَم (الديون) ليس مجرد قضية مالية عابرة، بل هو مرض اجتماعي يتغلغل في كيان الأسرة، ويترك آثارًا عميقة على الفرد والمجتمع إذا لم تتم معالجته وفق الهدي الإسلامي الرشيد. 

نظرة شمولية متكاملة

وأوضح أن الإسلام نظر إلى هذه القضية نظرة شمولية متكاملة، فجعلها من أبواب التكافل الإنساني، وحث على معالجتها بروح المسؤولية والرحمة.

نية صادقة في الوفاء

كما أكد أن الإسلام لم يُحرِّم الاستدانة مطلقًا، بل أباحها للضرورة الملحّة، شريطة أن تكون في حدود القدرة على السداد، وأن تكون بنية صادقة في الوفاء، مصداقًا لقوله ﷺ: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" (رواه البخاري). وفي هذا تأكيد على أن الشرع يوازن بين احتياجات الإنسان الحياتية من جهة، والحفاظ على استقرار المجتمع من جهة أخرى.

معالجة قضية الغُرَم

وأشار الدكتور عيد خليفة إلى أن من مظاهر عظمة الإسلام في معالجة قضية الغُرَم أنه لم يترك الغارم وحيدًا يواجه محنته، بل جعل قضاء الدَّين من أبواب القُربات، بل وأدخل الغارمين في مصارف الزكاة الثمانية، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... وَالْغَارِمِينَ﴾ [التوبة: 60]. فالمجتمع المسلم متكافل متعاون، ينهض بأفراده، ويواسي ضعيفهم، ويعين مكروبهم، ليظل البناء متماسكًا راسخًا.

الوقاية من الغُرَم

ثم شدد الدكتور عيد خليفة على أن الوقاية من الغُرَم تبدأ بالوعي والاعتدال في الإنفاق، والتحرر من شهوة المظاهر والتكلف الزائد، داعيًا إلى ترشيد الاستهلاك، وإحياء القيم الإسلامية في القناعة والرضا، والبعد عن الإسراف، لقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: 67].

كما وجه رسالة مؤثرة إلى الأئمة المشاركين في الدورة، بضرورة القيام بدورهم الدعوي والتوعوي في توجيه الناس إلى خطورة الديون غير المنضبطة، والتأكيد على قيم التكافل، وتبصير المجتمع بأن علاج الغُرَم ليس مسؤولية فردية فقط، وإنما هو مسؤولية جماعية ينهض بها الجميع: الدولة، والمؤسسات، والمجتمع المدني، والمساجد، والعلماء.

تجديد الخطاب الديني

وختم الدكتور عيد خليفة كلمته بالتأكيد أن معالجة قضية الغُرَم إنما هي جزء من رسالة وزارة الأوقاف في تجديد الخطاب الديني، وإبراز الصورة الحضارية للإسلام، دين الرحمة والعدل، دين يحافظ على الإنسان من أن يُستعبد للديون، ويحمي الأسرة من التشتت، والمجتمع من الانهيار، مشيرًا إلى أن مثل هذه اللقاءات تمثل منصة فكرية وعلمية لترسيخ القيم، وبث الوعي، وتفعيل الشراكات بين المؤسسات الرسمية والأهلية لخدمة الوطن والمواطن.

وعقب ذلك، تناول  محمد فراج، مسؤول مكتب مؤسسة مصر الخير، القضية من زاوية قانونية ومجتمعية، موضحًا أثر الغُرَم على استقرار المجتمع وأمنه، وما يسببه من أزمات قانونية وأسرية إذا لم تتم معالجته بطرق عادلة وسليمة. كما استعرض الدور المجتمعي للمؤسسات الأهلية في دعم الغارمين والغارمات، وتبني مبادرات تسهم في إعادتهم للحياة الكريمة، وتخفيف الأعباء عنهم بما يحفظ كرامتهم ويعيد دمجهم في المجتمع بصورة فاعلة.

واستكمل النقاش الشيخ عثمان سعيد عثمان،  الذي ألقى كلمة تناول فيها الغُرَم بطرح عام وشامل، مؤكدًا أن الوقاية خير من العلاج، وأن على الأفراد أن يتحلوا بالوعي المالي، والبعد عن الاقتراض إلا عند الضرورة، مشددًا على أهمية التثقيف الديني والمجتمعي للحد من تفاقم هذه الظاهرة.

وفي ختام الدورة ، أجمع الحضور على أن معالجة قضية الغُرَم تتطلب تكاملاً بين الجهود الشرعية والقانونية والمجتمعية، بما يحقق التوازن المنشود ويصون كيان الأسرة ويحفظ استقرار المجتمع. وقد عكس هذا اللقاء رؤية وزارة الأوقاف في الجمع بين الفكر الديني المستنير والرؤية القانونية الواعية، في إطار من الشراكة المجتمعية الفاعلة.

تم نسخ الرابط