عاجل

ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه في الصلاة ؟

الصلاة
الصلاة

أكدت دار الإفتاء الصلاة على النبي ﷺ عند ذكر اسمه داخل الصلاة أمر جائز ومندوب، ولا يترتب عليه بطلان الصلاة، بل هو من الأعمال المستحسنة كما قرر الشافعية. ومع ذلك، يُستحب أن تكون بقدر معتدل ومن غير رفع صوت، حتى لا يحصل إزعاج أو تشويش على المصلين الآخرين

الأصل أن الصلاة لا يليق أن يُذكر فيها إلا ما كان من جنسها؛ من قرآن وذكر ودعاء، لقوله ﷺ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» رواه مسلم.
ولهذا كان الدعاء في الصلاة مشروعًا بما هو مشروع خارجها من مطالب الدين والدنيا. قال الإمام العيني في عمدة القاري (6/118): “قال الشافعي ومالك: يجوز أن يدعو فيها بما جاز خارجه، ولا تبطل صلاته بذلك” اهـ.

ومن المعلوم أن الصلاة على النبي ﷺ من أجلّ الدعوات وأعظمها قدرًا، حتى عدّها العلماء من أفضل القربات، قال سهل بن عبد الله: “الصلاة على محمد ﷺ أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولّاها بنفسه وشاركته فيها ملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، ولم يكن ذلك في غيرها من العبادات” كما نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (14/235).

حكم الصلاة على النبي ﷺ عند ذكره في الصلاة

ذهب الشافعية إلى أن الصلاة على النبي ﷺ عند سماع أو ذكر اسمه داخل الصلاة أمر مستحب، سواء أكان ذلك من القارئ نفسه أم من السامع.
قال الشرواني في حاشيته على التحفة (2/66): “لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد ﷺ نُدِب له أن يصلي عليه، والأقرب أن تكون بالضمير: صلى الله عليه وآله وسلم، دون أن يقول: اللهم صل على محمد” اهـ.

ونقل القليوبي في حاشيته على المنهاج (1/227) أن الصلاة على النبي ﷺ قد تكون ركنًا (في التشهد الأخير)، وقد تكون جزءًا (في التشهد الأول)، وقد تكون سنة (عند ذكره أو سماع اسمه)، وقد تكون مكروهة (إذا قُدِّمت في غير محلها).

وبعض الشافعية نصوا على أن الأولى أن يُصلي عليه في الصلاة بالضمير لا بالاسم الصريح؛ دفعًا للخلاف في إبطال الصلاة بالركن القولي. ذكر ذلك العبادي في حاشيته على الغرر البهية (1/326).

أما المالكية فقد نصوا على عدم الكراهة، بل على المشروعية، قال الحطاب في مواهب الجليل (1/544): “إذا ذُكر النبي ﷺ في قراءة الإمام فلا بأس للمأموم أن يصلي عليه” اهـ.

الأدلة على المشروعية

من الأدلة على استحباب الصلاة على النبي ﷺ عند ذكره في الصلاة: عموم قوله ﷺ: «البخيل من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ» رواه الترمذي والحاكم وصححاه. وهذا الحديث مطلق غير مقيَّد بزمان ولا مكان، فيشمل حال الصلاة وغيرها.

كما جاء في آثار السلف: أن من قرأ في الصلاة قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: 56] يُسن له أن يصلي عليه. فقد روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه قال: “إذا قرأ الرجل في الصلاة ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ…﴾ فليصل عليه”، وعن المغيرة أنه سأل إبراهيم النخعي عن ذلك فقال: “نعم، إن شئت”.

توجيه مذهب الحنفية

ما ورد عند بعض الحنفية من فساد الصلاة إذا قال المأموم: جل جلاله عند ذكر الله، أو صلى على النبي ﷺ عند ذكره، محمول على قصد الجواب لا على قصد التعظيم. أما إذا قصد المصلّي الثناء والتعظيم فلا تفسد صلاته؛ لأن هذا لا يتنافى مع أفعال الصلاة، كما أوضح ابن عابدين في رد المحتار (1/621).

آدابها في الصلاة

من أراد الصلاة على النبي ﷺ في أثناء الصلاة فالأفضل أن لا يجهر بها، وألا يكثر منها، حتى لا يشوش على المصلين، ولا ينشغل عن صلاته. قال الباجي في المنتقى (1/154): “الصلاة عليه مشروعة في الصلاة، لكن لا يجهر بها ولا يكثر منها؛ لئلا يخلط على الناس ويشتغل عن صلاته” اهـ.

وبهذا يظهر أن الصلاة على النبي ﷺ عند ذكر اسمه في الصلاة مشروعة، ومستحبة عند جمهور الفقهاء، بشرط مراعاة الاعتدال وعدم التشويش

تم نسخ الرابط