دراسات أجنبية: 30% من الموظفين يتعرضون للتنمر.. وهذه طرق المواجهة

لم يعد التنمر في بيئة العمل مجرد حوادث فردية يمكن تجاهلها، بل أصبح ظاهرة موثقة بالأرقام والإحصاءات، فقد كشفت دراسات عالمية أن 3 من كل 10 موظفين حول العالم يتعرضون لشكل من أشكال التنمر الوظيفي خلال مسيرتهم المهنية، بدءًا من التعليقات الساخرة والتقليل من الجهد، وصولًا إلى العزلة المتعمدة أو حرمان الموظف من حقوقه، هذه الأرقام تؤكد أن التنمر لم يعد تحديًا شخصيًا يواجه الضحايا وحدهم، بل أزمة مؤسسية تؤثر على الإنتاجية والولاء الوظيفي.
ما هو التنمر الوظيفي؟.. تعريف وخطورة
التنمر في بيئة العمل يعرف بأنه سلوك متكرر وعدائي وغير مبرر يهدف إلى إحباط شخص أو التقليل من شأنه أو عزله، ومن أمثلة ذلك:

- إطلاق الشائعات أو نشر الأكاذيب.
- السخرية من الزملاء أو التقليل من إنجازاتهم.
- فرض عزلة اجتماعية داخل الفريق.
- تعطيل مهام الموظف عمدًا أو حرمانه من الموارد.
- الانتقاد المستمر أمام الآخرين.
- حتى الإيماءات البسيطة مثل تدحرج العينين أو تجاهل الحديث.
إحصائية حديثة بحسب دراسة نشرتها جمعية الصحة النفسية الأمريكية، فإن حوالي 30% من الموظفين حول العالم تعرضوا لشكل من أشكال التنمر الوظيفي على مدار حياتهم المهنية، فيما أكد 15% منهم أن التنمر كان السبب الرئيسي وراء تركهم لوظائفهم.
هذه النسب تكشف أن التنمر لا يؤثر فقط على الضحية، بل يترك انعكاسات سلبية على المؤسسة بأكملها من حيث زيادة معدل الاستقالات، انخفاض الإنتاجية، وتراجع الولاء الوظيفي.
الخطوة الأولى: كيف تعرف أنك تتعرض للتنمر؟
الخطوة الأولى لحماية نفسك هي الوعي، أحيانًا قد لا يدرك الموظف أن ما يتعرض له هو تنمر، خاصة إذا كان في صورة "مزاح ثقيل" أو "نقد متكرر"، من العلامات المباشرة:
- الشعور الدائم بالقلق قبل الذهاب للعمل.
- فقدان الحماس تجاه المهام اليومية.
- انعزال الزملاء أو استبعادك من الاجتماعات المهمة.
- تلقي ملاحظات سلبية مبالغ فيها دون مبرر.
أهمية التوثيق
ينصح الخبراء بضرورة الاحتفاظ بسجل شخصي لكل حادثة تتعرض لها:
- التاريخ والوقت والمكان.
- أسماء الشهود.
- وصف تفصيلي للسلوك.
- تأثيره عليك نفسيًا أو مهنيًا.
التوثيق لا يثبت فقط وجود التنمر، بل يحميك قانونيًا إذا لجأت إلى الإدارة أو القضاء. وتجربة الممرضة البريطانية خير مثال على أن التفاصيل الصغيرة الموثقة قد تتحول إلى دليل حاسم في المحكمة.
الخطوة الثانية: المواجهة الذكية والدعم
إذا شعرت بالأمان، حاول مواجهة المتنمر بهدوء، أخبره أن سلوكه غير مقبول ويؤثر سلبًا على عملك، لكن تجنب الانفعال أو الدخول في مشادات قد تزيد من حدة الأزمة.
اللجوء للموارد البشرية
في حال استمرار السلوك، ارفع شكوى رسمية إلى قسم الموارد البشرية أو الإدارة العليا، قدم المستندات والأدلة التي جمعتها لتثبت حقك.
نصيحة خبراء الإدارة: عند الحديث مع الإدارة، تجنب التركيز فقط على مشاعرك، بل اشرح كيف يؤثر التنمر على سير العمل والمشروعات، فهذا يجعل موقفك أكثر قوة.
الدعم النفسي والاجتماعي
التعرض للتنمر قد يترك أثرًا نفسيًا عميقًا، لذا لا تتردد في طلب الدعم:
- تحدث مع زملاء تثق بهم.
- استعن بالأهل والأصدقاء.
- استشير معالجًا نفسيًا إذا لزم الأمر.
دراسات حديثة تؤكد أن الدعم الاجتماعي يقلل بنسبة 40% من حدة أعراض الاكتئاب والقلق الناتج عن التنمر الوظيفي.
الخطوة الثالثة: حماية نفسك واتخاذ القرا
السلامة النفسية تعني شعورك بالأمان في التعبير عن آرائك دون خوف من السخرية أو العقاب، وهي عنصر أساسي في بيئة العمل الصحية.

- تساهم المؤسسات الرائدة في تعزيز هذا المناخ من خلال:
- وضع سياسات صارمة ضد التنمر.
- تدريب الموظفين والمديرين على السلوكيات الإيجابية.
- توفير قنوات آمنة وسرية لتقديم الشكاوى.
متى يكون ترك العمل هو الحل؟
في بعض الحالات، قد يصبح التنمر جزءًا من ثقافة المؤسسة ولا تجد دعمًا حقيقيًا من الإدارة، هنا يصبح قرار ترك العمل هو الخيار الأنسب للحفاظ على سلامتك النفسية، وكما علق أحد الخبراء في تقرير لصحيفة The Times: "وظيفتك يمكن أن تعوّض، لكن صحتك النفسية لا تعوّض".
تأثير التنمر على المؤسسات
التنمر لا يضر الأفراد فقط، بل له تكلفة باهظة على الشركات:
- زيادة نسبة الغياب.
- ارتفاع معدل الاستقالات.
- انخفاض الولاء الوظيفي.
- خسارة سمعة المؤسسة.
دراسة حديثة في أستراليا أوضحت أن المؤسسات التي لم تتعامل مع التنمر بشكل جدي تكبدت خسائر سنوية تقدر بمليارات الدولارات بسبب انخفاض الإنتاجية.