محمد وازن: اجتياح غزة يعكس الخوف من الاعتراف بالدولة الفلسطينية |فيديو

كشف الدكتور محمد وازن، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن قرار الاحتلال باجتياح قطاع غزة لم يكن عسكريًا فقط، بل جاء نتيجة مخاوف عميقة من تنامي الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، وهو ما يهدد مشاريع التهجير والاستيطان التي يعمل عليها الاحتلال منذ سنوات.
ازدواجية المواقف الدولية
أوضح "وازن"، في لقاء خاص ضمن برنامج "مساء جديد" على قناة المحور الفضائية، أن العالم يشاهد منذ أكثر من عشرين شهرًا حملات إبادة جماعية ممنهجة بحق الفلسطينيين، بينما تكتفي العواصم الغربية بإصدار بيانات إدانة وشجب لا تتجاوز إطار الإعلام إذ أن الفارق كبير بين التصريحات الدبلوماسية وبين اتخاذ خطوات عملية لردع الاحتلال، قائلاً: "الواقع الميداني شيء، والبيانات الإعلامية شيء آخر تمامًا".
مشيرا إلى أن بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا وفرنسا، كررت الإدانات، وحتى واشنطن أحيانًا استدعت السفير الإسرائيلي للتشاور، لكن على الأرض لم يتغير شيء، بل تواصلت العمليات العسكرية ضد المدنيين بلا توقف.
مصر ترفض مخططات التهجير
بيّن محمد وازن أن مصر اتخذت موقفًا ثابتًا في مواجهة خطط التهجير القسري، إذ تصرّ على إبقاء معبر رفح مفتوحًا لإدخال المساعدات الإنسانية رغم التعنت الإسرائيلي وإغلاق البوابة الفلسطينية من جانبه منذ مايو 2024.
وكشف أن الاحتلال حاول تسويق عدة مخططات دولية لإفراغ غزة، من بينها مقترح نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على لسان زعيم المعارضة يائير لابيد، يقضي بمنح مصر إدارة القطاع لمدة 15 عامًا مقابل شطب 155 مليار دولار من ديونها، لكن القاهرة رفضت هذه المشاريع بشكل قاطع، مؤكدة تمسكها بالثوابت الوطنية ورفضها التورط في أي سيناريو لتصفية القضية الفلسطينية.
محاولات إسرائيلية للتهجير
أشار "وازن" إلى أن إسرائيل لم تتوقف عن البحث عن دول بديلة لتوطين الفلسطينيين ضمن سياسة "الهجرة الطوعية"، فقد عرضت على دول مثل جنوب السودان والصومال استقبال لاجئين فلسطينيين، بل طرحت أفكارًا للوصول إلى دول في جنوب شرق آسيا.
واعتبر محمد وازن أن هذه المحاولات ليست سوى امتداد لمشروع استعماري يهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، بينما يجري تضليل الرأي العام العالمي عبر الحديث عن خطط إنسانية أو "حلول بديلة" لا تمت إلى الواقع بصلة.
الخوف من الاعتراف الدولي
وأكد أن النقطة المفصلية التي أثارت ذعر حكومة نتنياهو كانت إعلان عدد من الدول الأوروبية نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، حيث شعرت إسرائيل بأن الأرضية السياسية الدولية بدأت تميل لصالح الفلسطينيين.
وأضاف محمد وازن أن هذا الخوف دفع الاحتلال إلى تسريع قراره باجتياح كامل لقطاع غزة، إذ أدرك نتنياهو وحكومته أن أي اعتراف دولي رسمي بدولة فلسطين سيقوّض مشروع "إسرائيل الكبرى" ويضع حدودًا قانونية لمخططات الاستيطان والتهجير.

قرار سياسي بغطاء عسكري
لفت محمد وازن إلى أن قرار اجتياح غزة لم يأتِ صدفة، بل كان ردًا مباشرًا على التحركات الدولية الأخيرة، قائًلا: "القرار خرج إلى العلن بعد أيام قليلة من إعلان بعض الدول نيتها الاعتراف بفلسطين، وهو ما جعل نتنياهو يسرّع الخطوات العسكرية على الأرض".
وأشار محمد وازن إلى تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قبل أشهر، التي تحدث فيها عن خطة لاحتلال 75% من قطاع غزة، موضحًا أن هذه النوايا كانت مبيتة، لكن الاعترافات الدولية سرّعت تنفيذها.
الاحتلال يخشى الشرعية الدولية
اختتم محمد وازن حديثه بالتأكيد على أن إسرائيل تخشى الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية أكثر من خشيتها من العمليات العسكرية للمقاومة. فالمقاومة، بحسب تعبيره، تتعامل معها إسرائيل عسكريًا، أما الشرعية الدولية فهي تهدد أساس وجود المشروع الصهيوني القائم على نفي الفلسطينيين من أرضهم.
وذكر محمد وازن أن "الاجتياح الأخير لغزة هو محاولة إسرائيلية للهروب إلى الأمام، ولتغيير الوقائع الميدانية قبل أن تترسخ الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية"، مشددًا على أن المخططات لن تنجح طالما أن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وصامد في مواجهة الاحتلال.