ماهر صافي: مصر وضعت خطًا أحمر أمام المشروع الإسرائيلي– الأميركي للتهجير |فيديو

قدّم المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور ماهر صافي، قراءة تحليلية لتسلسل زمني ممتد لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين، موضحًا أن ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية والقدس ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمشاريع استعمارية سعت منذ عشرات السنين لفرض واقع جديد على الأرض.
وأكد ماهر صافي، في حوار شامل مع برنامج "مساء جديد" المذاع على قناة المحور الفضائية، أن مصر كانت، وما زالت، الحائط الصلب الذي تصدّى لهذا المخطط، معتبرًا أن موقف القاهرة هو الضمانة الأساسية لبقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.
جذور مخطط التهجير
أوضح أن سياسة التهجير ليست جديدة، بل تمتد إلى ما قبل إعلان قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948، حين نفّذت العصابات الصهيونية عمليات منظمة لطرد الفلسطينيين من قراهم ومدنهم. وتكرّر هذا النهج في أعقاب حرب 1967، حيث واجه الفلسطينيون محاولات مستمرة لاقتلاعهم من أراضيهم.
وأضاف "صافي" أن أبرز محطات هذا المخطط برزت مع عام 2017 عندما جاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب وطرح "صفقة القرن"، التي أعادت إحياء مخططات التوطين والتهجير بصورة أكثر وضوحًا، خاصة مع إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وتصريحات مثيرة مثل وصف غزة بـ"الريفيرا الساحر"، في إشارة إلى الأطماع الاقتصادية والسياسية التي تتجاوز مجرد السيطرة العسكرية.
مرحلة جديدة من المخطط
ويرى أن الهجوم الإسرائيلي الواسع على غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، مثّل ذروة جديدة لهذا المخطط، حيث سعت تل أبيب إلى استغلال الأحداث لفرض واقع تهجيري شامل، منوهًا إلى أن تصريحات قادة الاحتلال، ومن بينهم بنيامين نتنياهو، حول ما يُسمى "إسرائيل الكبرى"، ليست مجرد دعاية سياسية بل جزء من مشروع عملي يجري تطبيقه على الأرض.
وأكد "صافي" أن ما يحدث في غزة اليوم من تدمير شامل لأكثر من 85% من البنية التحتية والبيوت السكنية، ليس صدفة، بل سياسة ممنهجة لدفع الفلسطينيين إلى خيار "الهجرة الطوعية"، وهو ما تعمل إسرائيل على تسويقه عبر مؤسسات أنشئت خصيصًا لتسهيل هذا المخطط.
الموقف المصري الحاسم
ولفت إلى أن موقف مصر جاء واضحًا منذ الأيام الأولى للعدوان، حين أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مسألة تهجير الفلسطينيين إلى خارج غزة تمثل خطًا أحمر لا يمس الأمن القومي المصري والعربي، مؤكدًا أن القاهرة تدرك أن أي محاولة لدفع الفلسطينيين نحو سيناء ليست مجرد أزمة إنسانية، بل تهديد استراتيجي وجودي للأمن القومي.
وأضاف ماهر صافي أن مصر لم تكتفِ بالمواقف السياسية، بل تحولت إلى رئة إنسانية لقطاع غزة، حيث أدخلت عبر معبر رفح أكثر من 75% من المساعدات الإنسانية، بهدف تمكين الشعب الفلسطيني من البقاء على أرضه لا دفعه لمغادرتها.
الصمود بين المساعدات والمقاومة
مشددا على أن صمود الشعب الفلسطيني رغم القصف والتدمير المتواصل هو عنصر أساسي لإفشال مخطط التهجير، موضحًا أن إدخال المساعدات من مصر ودول أخرى كان له دور جوهري في دعم قدرة الأهالي على الصمود، مشيرًا إلى أن مشاهد الاستشهاد والقتل باتت مشاهد يومية اعتيادية للشعب الفلسطيني، لكنها لم تضعف إرادته في التمسك بحق العودة والبقاء على الأرض.
كشف ماهر صافي أن الخلافات التي تظهر بين المستوى السياسي والعسكري في إسرائيل حول طبيعة الدخول البري إلى غزة ما هي إلا "كلام للاستهلاك الإعلامي"، مؤكدًا أن الاحتلال ينفذ مخططاته على الأرض بخطوات مدروسة، موضحًا أن الاجتماع الأخير بين نتنياهو ووزير المالية سموتريتش ورئيس الأركان يعكس بوضوح أن الهدف الأساسي هو الضغط على سكان غزة لإجبارهم على الرحيل.

مواجهة مشروع إقليمي أوسع
واختتم ماهر صافي حديثه بالتأكيد أن ما يجري في غزة اليوم لا ينفصل عن مشروع إقليمي أوسع يستهدف إعادة تشكيل الشرق الأوسط على أسس إسرائيلية – أميركية، مشيرًا إلى أن التصدي لهذا المشروع يحتاج إلى موقف عربي موحد، يكون فيه الدور المصري حجر الزاوية.
وشدد ماهر صافي على أن التهجير لن يمر بفضل صمود الشعب الفلسطيني ودعم القاهرة، ليظل الوجود الفلسطيني على أرضه ثابتًا مهما كانت التضحيات.