أسامة حمدي :التعليم والبحث العلمي مفتاح تحويل القدرات الجينية إلى واقع ملموس

أكد الدكتور أسامة حمدي، أستاذ السكر بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، أن العالم يعيش اليوم مرحلة غير مسبوقة في علم تعديل الجينات أو Gene Editing، والتي تمثل تحولًا جذريًا في طرق علاج الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السرطان.
وأوضح حمدي، خلال لقاءه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "نظرة" المذاع على قناة صدى البلد، أن هذه التكنولوجيا العلمية تتيح إعادة كتابة المسارات الجينية وتقليل مخاطر الأمراض الوراثية، ما يفتح آفاقًا جديدة للطب الحديث.
وأشار إلى أن العلم لم يتوقف عند هذا الحد، بل هناك مجال متقدم يُعرف باسم Epigenetics يدرس تأثير البيئة على الجينات وكيفية تفاعل الإنسان مع محيطه، ما يمثل خطوة مهمة نحو فهم أعمق للقدرات البشرية والتكيف مع الأمراض.
المصريون يمتلكون مخزونًا جينيًا استثنائيًا
أشار الدكتور حمدي إلى دراسة حديثة نشرتها مجلة Nature، موضحًا أن المصريين يمتلكون تراكمًا جينيًا طويل الأمد يمتد لأكثر من 8000 سنة من الحضارة.
وقالت الدراسة إن حوالي 80% من الجينات مصرية أصيلة، في حين تمثل الجينات الهجينة نحو 20%، وهو ما يمنح المصريين قدرات عقلية وذكاء استثنائيين متوارثين عبر الأجيال.
وأكد حمدي أن هذا المخزون الجيني الفريد ينعكس بشكل مباشر على الابتكار والإبداع لدى المواطن المصري، مشيرًا إلى أن هذه القدرات تتطلب فقط البيئة المناسبة والدعم اللازم لتظهر بقوة على أرض الواقع.
الفرق بين الدولة والحضارة وتأثيره على الإبداع
تطرق حمدي إلى مفاهيم أساسية حول الفرق بين الدولة والحضارة، موضحًا أن الدولة تمثل مجموعة قوانين وأشخاص ينفذونها، بينما الحضارة تشمل العلم والفلسفة والفن والأدب والثقافة والدين، وهو ما أطلق عليه "المخزون الحضاري".
وأكد أن هذا المخزون هو ما يجعل المصريين قادرين على الإبداع والابتكار بمجرد منحهم الفرصة والدعم، مضيفًا أن الحضارة ليست مجرد تاريخ، بل هي قاعدة يمكن البناء عليها لمستقبل مزدهر.
وأشار إلى أن القدرة على الابتكار لا تأتي من الموارد الطبيعية فقط، بل من الذكاء والفهلوة والمهارات البشرية التي تمثل عنصرًا رئيسيًا في التنمية.
الإمكانيات الاقتصادية والمقومات الطبيعية لمصر
شدد الدكتور حمدي على أن مصر تمتلك كل المقومات لتكون دولة عظمى، بدءًا من الموارد الطبيعية الهائلة والمعادن الغنية، مرورًا بالسواحل الطويلة التي تمتد لنحو 3000 كيلومتر، وحتى قطاع السياحة الواعد.
وأوضح أن هذه المقومات، إلى جانب الطاقات البشرية الهائلة، يمكن توجيهها بشكل استراتيجي نحو التنمية والابتكار، ما يجعل مصر في موقع قوي للتقدم على المستوى العالمي.
وأضاف أن الدمج بين المخزون الجيني الحضاري والموارد الطبيعية يوفر فرصة حقيقية لتحقيق نقلة نوعية في جميع المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية.
توظيف القدرات البشرية للابتكار العلمي
أكد حمدي أن المصريين يمتلكون ذكاءً استثنائيًا ومرونة فكرية تمكنهم من حل المشكلات والابتكار في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن البيئة الداعمة والمحفزة هي العامل الأساسي الذي يحول هذا الذكاء الطبيعي إلى إبداعات عملية تؤثر على المجتمع والاقتصاد الوطني.
وأوضح أن التطوير المستمر في التعليم والبحث العلمي سيكون له أثر مباشر على توظيف هذه الطاقات البشرية في مشاريع الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
أهمية التعليم والبحث العلمي في صقل القدرات
لفت الدكتور حمدي إلى أن الاستثمار في التعليم والبحث العلمي يمثل مفتاحًا رئيسيًا لتحويل الإمكانات الجينية والحضارية إلى واقع ملموس.
وأضاف أن برامج البحث العلمي المتقدمة في مجالات مثل تعديل الجينات والطب الجزيئي ستمنح المصريين ميزة تنافسية على المستوى العالمي.
وأكد أن الجمع بين المعرفة العلمية والمواهب البشرية المتراكمة عبر الأجيال يمكن أن يجعل مصر مركزًا للابتكار والريادة العلمية في المنطقة والعالم.
مصر بين المخزون الحضاري والجيني وفرص المستقبل
اختتم حمدي حديثه بالتأكيد على أن المخزون الحضاري والجيني للمصريين يمثلان رصيدًا هائلًا يمكن استثماره في بناء مستقبل مشرق.
وأشار إلى أن الدعم الحكومي والمؤسساتي للمواهب والابتكارات سيزيد من فرص النجاح في مجالات الطب والتكنولوجيا والفن والثقافة.
واختتم بالتأكيد على أن مصر تمتلك كل الأدوات اللازمة لتصبح قوة علمية وثقافية، مشددًا على ضرورة توفير البيئة المناسبة للابتكار ودعم الشباب لتحقيق هذا الطموح.