عاجل

لماذا يتهافت المواطنون على شهادات الادخار الآمنة بعائد مضمون؟

تعبيرية
تعبيرية

مع تصاعد معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للجنيه المصري، تحولت شهادات الادخار البنكية إلى الخيار الأكثر جذبًا للمواطنين، باعتبارها ملاذًا آمنًا يحافظ على قيمة المدخرات ويوفر عائدًا ثابتًا يمكن الاعتماد عليه في مواجهة أعباء الحياة اليومية.
الاقتصاد والتضخم.. الدافع الأساسي 
تشير بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن معدلات التضخم في مصر سجلت مستويات مرتفعة خلال الفترات الأخيرة، وهو ما أدى إلى تآكل المدخرات النقدية للأسر إذا تُركت خارج قنوات الاستثمار. لذلك باتت الحاجة ملحة إلى وعاء مالي يضمن على الأقل الحفاظ على القيمة الحقيقية للأموال. 
ويُجمع خبراء الاقتصاد على أن شهادات الادخار أصبحت الأداة الأكثر ملاءمة للمواطن، لأنها تمنحه عائدًا ثابتًا ومستقرًا، بعيدًا عن تقلبات الأسواق. كما أنها توفر له سيولة دورية تساعده على إدارة التزاماته المالية.
الثقة في البنوك الحكومية 
أحد أهم أسباب الإقبال الواسع على الشهادات هو الثقة الراسخة في البنوك الحكومية، وعلى رأسها البنك الأهلي المصري وبنك مصر. هذه المؤسسات المالية مملوكة للدولة وتتمتع بضمانات قوية تجعل المواطن مطمئنًا على أمواله. 
وقال ماجد فهمي الخبير المصرفي إن عنصر الثقة يوازي في أهميته معدل العائد نفسه، فالمواطن يفضل التعامل مع بنك مضمون حتى لو كان العائد أقل نسبيًا مقارنة ببدائل أخرى، لأنه يرى أن الأمان المالي أولى من السعي وراء الربح الأعلى.

وأوضح في تصريحات صحفية أنه رغم وجود بدائل استثمارية متعددة، فإن شهادات الادخار تظل الأكثر تفضيلًا لقطاع واسع من المواطنين. 
وأشار إلى أن الذهب يُعد وسيلة للتحوط ضد التضخم، لكنه يتسم بتقلبات سعرية سريعة قد تؤدي إلى خسائر مفاجئة على المدى القصير. 
وعلى صعيد  قطاع العقارات أضاف الخبير المصرفيأنه يظل استثمارًا طويل الأجل وملاذًا تقليديًا، لكنه يحتاج إلى سيولة ضخمة ويصعب تسييله سريعًا في حالات الطوارئ. 
أما على مستوى الأستثمار في البورصة أكد أنها  توفر فرصًا لتحقيق أرباح مرتفعة، لكنها ترتبط بمستوى عالٍ من المخاطر وتتطلب خبرة ومعرفة متخصصة.
ولفت إلى مقارنة بهذه البدائل، تمنح شهادات الادخار للمواطن البسيط ما يحتاجه: عائد مضمون، سيولة متاحة، وأمان مالي.
شهادات بعوائد استثنائية 
خلال الفترات الماضية، أقدمت البنوك على طرح شهادات ادخار بعوائد قياسية تجاوزت 25% في بعض الحالات، استجابة لقرارات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة. هذه الخطوة كان هدفها الأساسي امتصاص السيولة من السوق ودعم استقرار العملة، لكنها في الوقت نفسه منحت المواطنين فرصة استثنائية لتأمين مدخراتهم وتحقيق عوائد مرتفعة. 
وأكد عز حسانين الخبير المصرفي  أن هذه الشهادات لم تحقق فقط أهدافًا اقتصادية كلية للدولة، بل ساعدت أيضًا الأفراد والأسر على مواجهة موجة الغلاء من خلال توفير مصدر دخل إضافي.
وأوضح أنه بعيدًا عن الحسابات الاقتصادية، تلعب العوامل النفسية والاجتماعية دورًا كبيرًا في الإقبال على شهادات الادخار، فالمواطن يبحث عن الطمأنينة والقدرة على التخطيط المالي دون قلق من تقلبات السوق، هذا الاستقرار المعنوي يجعل الشهادة بالنسبة له أكثر من مجرد منتج مالي، بل وسيلة لراحة البال وضمان المستقبل. 
المستقبل.. إلى أين يتجه الإقبال؟ 
يري أن استمرار جاذبية شهادات الادخار مرتبط بشكل مباشر بمستوى التضخم وسياسات البنك المركزي. فإذا استمرت الأسعار في الارتفاع، ستظل هذه الشهادات الخيار الأكثر أمانًا. أما إذا شهد الاقتصاد استقرارًا وتراجعت معدلات التضخم، فقد يعيد المواطنون النظر في بدائل أخرى مثل العقار أو الاستثمار في سوق المال.
ونوة بأن تظل شهادات الادخار الوعاء الأكثر جذبًا في مصر خلال الفترة الراهنة، لأنها تجمع بين الأمان والعائد المضمون، وتوفر للمواطن أداة عملية لمواجهة الضغوط الاقتصادية. وبينما قد تتغير خريطة الاستثمار في المستقبل مع تحسن المؤشرات الاقتصادية، فإن الواقع الحالي يؤكد أن هذه الشهادات ستبقى الملاذ الأول للأسر الباحثة عن الاستقرار المالي.

تم نسخ الرابط