عاجل

بيان المراد بصلاة الزوال وفضلها وعدد ركعاتها… الإفتاء توضح

الافتاء
الافتاء

قالت دار الإفتاء صلاة الزوال هي أربع ركعاتٍ تُؤدَّى بتسليمةٍ واحدة في آخرها، وقيل: تُصلَّى ركعتين، ووقتها بعد ميل الشمس عن كبد السماء وقبل صلاة الظهر. وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحافظ عليها، وبشَّر من واظب عليها بالنجاة من النار.

وقد اختلف الفقهاء في حكمها: هل هي سنَّة مستقلة غير سنَّة الظهر، أم أنها هي نفسها سنة الظهر؟ فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن للمسلم أن يجمع بين صلاة الزوال وسنة الظهر، بينما رأى الحنفية أنها هي بعينها سنة الظهر. والأمر في ذلك من باب فضائل الأعمال، فيُخيَّر المسلم أن يعمل بما يطمئن إليه قلبه

فضل المحافظة على صلاة النوافل


لقد اعتنى الشرع الحنيف ببيان فضل النوافل والحث عليها، فجعلها بابًا عظيمًا لزيادة القرب من الله تعالى، ورتب على المحافظة عليها جزيل الثواب؛ إذ إن أداء العبد للنوافل سبب في محبة الله له واصطفائه، كما ورد في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ… وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ…» الحديث.
وقد أوضح العلماء معنى هذا الحديث بقولهم: إن من أدى الفرائض فقد قام بما وجب عليه، لكنه إذا زاد على ذلك بالنوافل كان بمنزلة من وفَّى دينه وزاد عليه عطيةً من عنده، فلا شك أن صاحب الحق يزداد حبًّا له بهذه الزيادة، وكذلك العبد إذا أكثر من النوافل كان أحب إلى الله عز وجل.

ومن ضمن هذه النوافل التي حثت عليها السنة المطهرة: صلاة الزوال، التي وردت في أحاديث عدة وداوم عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

بيان المراد من صلاة الزوال


اختلف الفقهاء في تحديد ماهية صلاة الزوال، وهل هي سنة مستقلة بذاتها، أم أنها هي عين سنة الظهر القبلية؟
• مذهب الحنفية:
يرى فقهاء الحنفية أن صلاة الزوال ليست صلاة مستقلة، بل هي نفسها سنة الظهر القبلية الراتبة، وهي أربع ركعات بسلام واحد قبل صلاة الظهر. واستدلوا بما ورد عن أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» أخرجه الترمذي وابن ماجه. وهذا الحديث ظاهر في أن المقصود ركعات سنة الظهر القبلية، وليس صلاة مستقلة تسمى صلاة الزوال.
وقد نص عدد من علماء الحنفية على ذلك، فقال العلامة المظهري: إن الأربع التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصليها بعد زوال الشمس إنما هي سنة الظهر القبلية، وأكد المولى علي القاري هذا المعنى في شرحه، مبينًا أن تسمية هذه الركعات بـ”سنة الزوال” إنما هو وصف لها لا أنها عبادة مستقلة.
• مذهب الشافعية والحنابلة:
ذهب جمهور الشافعية وكثير من الحنابلة إلى أن صلاة الزوال سنة مستقلة غير سنة الظهر الراتبة. وعددها أربع ركعات، وقيل: ركعتان، تؤدى بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر. والزوال هو ميل الشمس عن كبد السماء باتجاه الغروب.
وقد جاء في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: «أَدْمَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فقلت: يا رسول الله ما هذه الركعات التي أراك تدمنها؟ قال: إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلا تُرْتَجُ حَتَّى يُصَلَّى الظُّهْرُ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا خَيْرٌ» رواه الإمام أحمد.
وبناء على ذلك، صرح الإمام الرملي في نهاية المحتاج بأن صلاة الزوال سنة خاصة بعد دخول وقتها، وذكر ابن حجر الهيتمي أنها أربع ركعات، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصليها أحيانًا ركعتين بحسب انشغاله. كما أكد الشبراملسي في حاشيته أن هذه الصلاة غير سنة الظهر، وإنما هي عبادة مستقلة تستحب بعد زوال الشمس.

خلاصة الخلاف
يتضح مما سبق أن:
• الحنفية يعدون صلاة الزوال هي نفسها سنة الظهر القبلية.
• بينما الشافعية والحنابلة يرون أنها سنة مستقلة تؤدى قبل الظهر.

حكم العمل بها
وبما أن هذه المسألة من مسائل فضائل الأعمال، فالأمر فيها واسع، ولا تضييق على أحد؛ فمن أخذ بقول الحنفية واكتفى بأداء سنة الظهر القبلية فقد أصاب، ومن أحب أن يصلي صلاة الزوال مستقلة كما ذهب إليه الشافعية والحنابلة فله ذلك. والمقصود أن يتحرى المسلم ما يطمئن إليه قلبه، فالمسألة مجال اجتهاد وسعة، ولا إنكار فيها

تم نسخ الرابط