رفعت فياض: مصر تبدأ ثورة تعليمية جديدة بإطلاق نظام البكالوريا الدولية

يشهد التعليم المصري مرحلة مفصلية جديدة، وصفها الكاتب الصحفي رفعت فياض بأنها بمثابة "ثورة تعليمية حقيقية"، بعد إعلان تطبيق نظام البكالوريا الدولية الجديد في مصر ، وأوضح فياض أن التجربة ستبدأ بـ 44 مدرسة فقط كمرحلة أولى، لكنها ليست النهاية، بل جزء من خطة أكبر تهدف إلى إعادة تشكيل مستقبل التعليم المصري بما يتماشى مع التطورات العالمية، ويضع الطلاب المصريين على قدم المساواة مع أقرانهم في أرقى النظم التعليمية.
وأكد خلال حوار ببرنامج “ السادسة”، عبر فضائية “ الحياة اليوم ”، مع الاعلامية عزة مصطفي، مساء اليوم الثلاثاء، أن هذا التحول يمثل نقلة نوعية غير مسبوقة في المنظومة التعليمية، ويعكس جدية الدولة في إصلاح التعليم من الجذور، بعيداً عن الحلول الجزئية أو التعديلات الشكلية التي لم تكن قادرة على تلبية متطلبات العصر.
وأضاف أن مصر اليوم أمام فرصة تاريخية لصياغة جيل جديد من الطلاب يمتلك مهارات التفكير النقدي، والإبداع، والقدرة على مواكبة متغيرات المستقبل.
البداية بـ 44 مدرسة وخطة للتوسع التدريجي
وأشار الكاتب الصحفي إلى أن 44 مدرسة ستكون النواة الأولى لتطبيق نظام البكالوريا الدولية الجديد داخل مصر، حيث سيتم تجهيزها وفق أعلى المعايير الدولية، سواء على مستوى المناهج، أو طرق التدريس، أو تدريب المعلمين. وتستهدف الخطة الحكومية أن يكون هذا النظام نواة لتوسيع نطاق التجربة تدريجياً لتشمل مختلف المحافظات.
وأوضح أن الهدف ليس مجرد إضافة تجربة تعليمية جديدة، بل دمج هذا النظام داخل البنية التعليمية، بحيث يصبح جزءاً من الهوية المدرسية المصرية الحديثة، مع مراعاة احتياجات المجتمع ومتطلبات التنمية الوطنية. وهذا يتطلب استثماراً في إعداد الكوادر البشرية من معلمين وإداريين، قادرين على إدارة هذا التحول بكفاءة.
وأشار فياض إلى أن نجاح التجربة في المدارس الأولى سيكون بمثابة "المعيار الحقيقي" لتعميمها لاحقاً على نطاق أوسع، معتبراً أن التدرج في التطبيق يضمن الجودة والاستدامة بدلاً من التسرع الذي قد يؤدي إلى مشكلات بنيوية.
نظام عالمي يواكب متغيرات المستقبل
ولفت الي أن من أبرز ما يميز نظام البكالوريا الدولية أنه يركز على التفكير النقدي والابتكار، بدلاً من الاقتصار على الحفظ والتلقين ، وأكد فياض أن هذا النظام يمنح الطلاب أدوات عملية للتعلم المستمر، مما يساعدهم على مواجهة التحديات المستقبلية، سواء في سوق العمل المحلي أو العالمي.
كما لفت إلى أن المناهج الجديدة ستتضمن مواد حديثة مثل البرمجة وعلوم الحاسب، وهو ما يضع مصر على خريطة التعليم المتطور الذي يولي أهمية قصوى للعلوم التكنولوجية هذا التغيير ليس مجرد تحديث شكلي، بل هو إعادة هيكلة للفكر التعليمي الذي لطالما افتقد التوازن بين النظرية والتطبيق.
وأضاف الكاتب الصحفي أن إدخال هذه المواد يعكس وعياً رسمياً بضرورة ربط التعليم بالثورة الرقمية التي يعيشها العالم، مؤكداً أن الطالب المصري سيخرج من هذا النظام مسلحاً بالمعرفة والمهارات التي تمكنه من المنافسة في أي مكان.
إعداد جيل قادر على المنافسة عالمياً
ونوة الي أن أحد الأهداف الجوهرية لهذا المشروع، بحسب فياض، هو إعداد جيل جديد قادر على المنافسة إقليمياً ودولياً، بما يعكس صورة جديدة للتعليم المصري ، وأوضح أن الطالب في نظام البكالوريا لا يقتصر على دراسة العلوم والرياضيات، بل يتلقى تدريباً عملياً في مجالات متنوعة مثل الفنون، واللغات، والتفكير النقدي، مما يصقل شخصيته المتكاملة.
وأكد أن هذه التجربة ستمنح الطلاب المصريين فرصة الاندماج في جامعات مرموقة حول العالم، حيث إن شهادة البكالوريا معترف بها في أكثر من 150 دولة. وهذا يمثل إضافة قوية لمكانة الطالب المصري، ويمنحه فرصاً تعليمية ومهنية واسعة النطاق.
وأشار فياض إلى أن التغيير لا يقتصر على الطلاب فقط، بل يمتد إلى المعلمين الذين سيتم تأهيلهم وفق معايير البكالوريا الدولية، ليصبحوا قادرين على تقديم تجربة تعليمية متكاملة تبتعد عن النمط التقليدي القائم على الامتحانات فقط.
تحديات أمام المشروع وآفاق المستقبل
أشار إلى أن المشروع سيواجه تحديات واقعية، أبرزها تأهيل المعلمين، وتهيئة البنية التحتية التكنولوجية في المدارس، إضافة إلى ضرورة تغيير عقلية بعض أولياء الأمور الذين اعتادوا على النظام التقليدي.
وأردف أن الدولة تمتلك الإرادة السياسية والموارد اللازمة لتجاوز هذه العقبات، خاصة مع الدعم الكبير من القيادة السياسية، التي ترى أن إصلاح التعليم هو المدخل الأساسي للتنمية المستدامة في مصر، لافتا الي أن نجاح التجربة سيعتمد على مدى تعاون جميع الأطراف: الحكومة، المعلمين، أولياء الأمور، والطلاب أنفسهم.
وفي ختام حديثه، شدد فياض على أن إدخال نظام البكالوريا الدولية الجديد يمثل خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصري، تفتح الباب أمام عصر جديد، تكون فيه المدرسة المصرية منصة لصناعة المعرفة والإبداع، وليس مجرد مكان للحصول على شهادة.