حرب كبرى مرتقبة بين ترامب والديمقراطيين للحفاظ على النظام الفيدرالي

يرى تقرير صادر عن شبكة "CNN" أن التحركات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه فرض سلطته على المدن الكبرى التي يديرها الديمقراطيون، تمثل تصعيدًا خطيرًا من شأنه أن يهدد النظام الفيدرالي الأمريكي، وينذر بمواجهة سياسية وقانونية محتدمة في الأفق.
ويعتمد ترامب في خطابه على تصوير هذه المدن كمناطق يغمرها العنف والجريمة، في محاولة لتبرير التدخل الفيدرالي المباشر. إلا أن التقرير يشير إلى أن هذا الادعاء يفتقر إلى الدقة، إذ أظهرت الإحصاءات الرسمية انخفاضًا كبيرًا في معدلات الجريمة، ففي شيكاغو انخفضت جرائم القتل بنسبة 31%، وحوادث إطلاق النار بنسبة 36% خلال عام 2025، كما سجلت واشنطن تراجعًا في مستويات الجريمة مقارنة بالعام الماضي.
ورغم هذه المؤشرات، يواصل ترامب الترويج لـ"رواية الأزمة" الأمنية، في محاولة لتوسيع النفوذ الفيدرالي داخل المدن التي تسيطر عليها المعارضة الديمقراطية، وهي خطوة يرى التقرير أنها تشكل تهديدًا مباشراً للنظام الفيدرالي، وستثير أزمات دستورية بين الحكومة المركزية وسلطات الولايات.
وأعلن قادة ديمقراطيون كبار رفضهم القاطع لهذا النهج؛ فقد وصف زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز إرسال قوات فيدرالية إلى مدن مثل شيكاغو بأنه تجاوز قانوني ومحاولة مصطنعة لتأجيج أزمة سياسية.

أما حاكم ولاية إلينوي، جيه بي بريتزكر، فقد أكد عدم تلقي أي طلب رسمي من الحكومة الفيدرالية، مشددًا على أن الولاية ترفض أي تدخل خارجي يهدد سيادتها.
وفي السياق ذاته، قال المدعي العام لإلينوي، كوامي راؤول، إن نشر الحرس الوطني بهذه الطريقة هو "تصرف ديكتاتوري"، محذرًا من أن هذه القوات ليست مؤهلة لأداء مهام الشرطة المدنية.
أهداف سياسية تتجاوز الأمن الأمريكي
ووفق التقرير، فإن حملة ترامب تتجاوز الأبعاد الأمنية الظاهرة، لتصل إلى تحقيق أهداف سياسية أوسع، خصوصًا على صعيد ملف الهجرة. فبيانات من العاصمة واشنطن تُظهر أن نشر القوات الفيدرالية هناك تسبب في زيادة الاعتقالات المرتبطة بالهجرة بمعدل عشرة أضعاف، في حين لم تسجل معدلات الجريمة العامة انخفاضًا كبيرًا.
ويُلمح التقرير إلى أن ترامب يستخدم هذه المدن كساحة لفرض سياسات متشددة، واستعراض القوة السياسية في وجه خصومه، خصوصًا أن هذه المدن منحته نسبة تصويت منخفضة في انتخابات 2024.
محاولات ترامب لتوسيع نشر القوات الفيدرالية تصطدم بعقبات قانونية معقدة، نظرًا لأن سلطة الرئيس محدودة خارج الأراضي الفيدرالية مثل العاصمة واشنطن، ولا يمكنه تفعيل نشر الحرس الوطني في الولايات دون إعلان حالة طوارئ وطنية، وهو إجراء قد يؤدي إلى نزاع دستوري مباشر مع حكام الولايات.
كما أن التكاليف المالية لأي عملية نشر موسعة تشكل تحديًا إضافيًا، نظرًا لما قد تسببه من ضغط على موارد وكالات الأمن الفيدرالية، كـ"FBI"، ما يهدد بضعف قدرتها على التصدي لجرائم كبرى مثل الإرهاب أو الجرائم العابرة للحدود.
اختبار الديمقراطية الفيدرالية
بحسب "CNN"، فإن هذه التطورات تعيد فتح النقاش حول حدود السلطة الفيدرالية في مواجهة حكومات الولايات، خاصة في ضوء الاتهامات الموجهة لترامب بمحاولة فرض أجندته السياسية على مدن اختارت خصومه.
في المقابل، يجد الحزب الديمقراطي نفسه في موقف معقد، إذ يحتاج إلى موازنة الرفض المبدئي للتدخل الفيدرالي مع تطلعات الناخبين الذين يطالبون بالأمن والاستقرار.
وفي ضوء هذا التصعيد، يبدو أن الولايات المتحدة على أعتاب مواجهة كبرى بين سلطتين متصارعتين داخل نظامها الفيدرالي، مما قد يُعيد رسم طبيعة العلاقة بين الحكومة المركزية وسلطات الولايات في مرحلة ما بعد انتخابات 2024.