عاجل

البتروكيماويات.. صناعة استراتيجية في قلب التحول الأخضر بمصر

البتروكيماويات
البتروكيماويات

تُعد صناعة البتروكيماويات إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، نظرًا لدورها الحيوي في دعم النمو الصناعي والزراعي وتعزيز الصادرات. وفي ظل التوجه العالمي نحو خفض الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة، يبرز هذا القطاع كأحد المحركات الرئيسية للتحول الأخضر في مصر.

صناعة استراتيجية للتنمية

يسهم قطاع البتروكيماويات بنحو 12% من إجمالي الإنتاج الصناعي في مصر، ويولد إيرادات تصل إلى 7 مليارات دولار سنويًا، ما يمثل نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية نحو 4.5 مليون طن سنويًا، مدعومة بعدة مشروعات توسعية استراتيجية.

ويرى خبراء الاقتصاد أن صناعة البتروكيماويات ليست مجرد نشاط صناعي، بل صناعة استراتيجية تساهم في تحقيق عوائد مالية ضخمة من التصدير، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لآلاف المصريين، فضلًا عن دورها في دعم القطاع الزراعي عبر توفير الأسمدة اللازمة للأمن الغذائي وتعزيز الصادرات الزراعية.

التحول الأخضر ضرورة وليست خيارًا

يؤكد الدكتور أحمد جمال الدين، الخبير الاقتصادي، أن التحول الأخضر لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحّة لاستمرار صناعة البتروكيماويات في المنافسة العالمية. وقال:
"مصر تمتلك فرصة ذهبية لتكون لاعبًا رئيسيًا في التحول الأخضر بالشرق الأوسط، خاصة مع التزام الدولة بخفض الانبعاثات الكربونية تماشياً مع اتفاقية باريس للمناخ".

وأضاف أن الصناعة بدأت تتجه لتبني تقنيات حديثة مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، بجانب تطوير أنظمة لمعالجة المخلفات الصناعية وخفض الانبعاثات، لكنه شدد على أن التحديات ما زالت قائمة، خاصة فيما يتعلق بارتفاع تكلفة التكنولوجيا النظيفة ونقص البنية التحتية اللازمة لدعم هذا التحول.

أداء الصادرات والنمو

شهد قطاع الكيماويات والأسمدة نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. فقد سجلت صادراته ارتفاعًا بنسبة 18% خلال أول أربعة أشهر من عام 2025، وبلغت حوالي 3.14 مليار دولار. كما وصلت الصادرات في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 إلى نحو 6.5 مليار دولار، مثلت 21% من صادرات مصر غير النفطية، مع توقعات بالوصول إلى 8.5 مليار دولار بنهاية العام.

وبحسب بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، بلغ إجمالي صادرات القطاع الكيميائي والأسمدة 8.436 مليار دولار في 2024 مقابل 8.016 مليار دولار في 2023، بنمو نحو 5%.

فرص وتحديات

من جانبه، يرى الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن قطاع البتروكيماويات يمثل قيمة اقتصادية كبيرة لمصر، لكنه يواجه تحديات تتمثل في ارتفاع تكاليف التحول الأخضر والمنافسة العالمية الشرسة.

وقال خضر:
"رغم هذه التحديات، فإن الفرص أمام الصناعة واعدة، خاصة مع دعم الدولة لمشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وهو ما يمنح مصر موقعًا متميزًا في الأسواق العالمية".

وأشار إلى أن تبني تقنيات صديقة للبيئة، وإنتاج منتجات تعتمد على الطاقة المتجددة، وإعادة تدوير المخلفات الصناعية، كلها مسارات كفيلة بتحقيق طفرة في صناعة البتروكيماويات المصرية خلال السنوات المقبلة.

نحو مستقبل مستدام

يتفق الخبراء على أن مستقبل صناعة البتروكيماويات في مصر مرهون بمدى قدرتها على مواكبة التحولات العالمية، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة وتعزيز الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص. ويرون أن نجاح هذا القطاع في التحول الأخضر لن يدعم مكانة مصر التنافسية فحسب، بل سيجعلها نموذجًا إقليميًا في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

تم نسخ الرابط