مصطفى وزيري: المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم في القرن الـ21|فيديو

يُعد المتحف المصري الكبير مشروعًا قوميًّا طال انتظاره، وهو أحد أكبر المتاحف الأثرية في العالم، حيث يضم بين جدرانه آلاف القطع النادرة التي تعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة. ومن بين أبرز ما سيقدمه المتحف للعالم هو العرض الكامل لمجموعة الملك توت عنخ آمون لأول مرة في التاريخ، في تجربة استثنائية من شأنها أن تغيّر مفهوم العرض المتحفي عالميًا.
كشف الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار، عن مجموعة من الحقائق التاريخية المهمة المرتبطة بالمتحف المصري الكبير، موضحًا أن المشروع سيحدث طفرة غير مسبوقة في مجال السياحة الثقافية بمصر.
وأكد وزيري أن افتتاح المتحف سيضع مصر في صدارة المشهد العالمي من جديد باعتبارها أرض الحضارات ومهد التاريخ الإنساني.
المتحف المصري الكبير: حلم يتحقق بعد عقود من الانتظار
قال الدكتور وزيري، خلال لقائه مع الإعلامية آية شعيب في برنامج أنا وهو وهي المذاع عبر قناة "صدى البلد"، إن المتحف المصري الكبير لا يُعتبر مجرد مبنى أثري ضخم، بل هو مؤسسة حضارية متكاملة ستعيد تقديم التاريخ المصري للعالم بصورته الكاملة.
وأشار إلى أن ما يميز هذا المتحف هو أنه سيعرض لأول مرة المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون، والتي تضم 5398 قطعة أثرية فريدة. هذه المجموعة كانت موزعة سابقًا بين عدة متاحف داخل مصر وخارجها، لكن جمعها في مكان واحد سيمنح الزائر فرصة فريدة لمشاهدة تفاصيل الحياة الملكية في مصر القديمة.
وأكد وزيري أن هذا الحدث بحد ذاته يُعد تاريخيًا، إذ لم يسبق أن عُرضت هذه الكنوز الأثرية دفعة واحدة أمام الجمهور. وهو ما يجعل افتتاح المتحف المصري الكبير بمثابة ولادة جديدة لتاريخ الآثار المصرية، وفرصة ذهبية لتسليط الضوء على حضارة استثنائية أبهرت العالم منذ آلاف السنين.
مقبرة الملك توت عنخ آمون: أسرار لم تُمس عبر القرون
استعاد وزيري في حديثه اللحظة التاريخية التي اكتُشفت فيها مقبرة الملك توت عنخ آمون في وادي الملوك عام 1922 على يد العالم هوارد كارتر. وقال إن هذه المقبرة تُعد استثناءً تاريخيًا فريدًا، إذ إنها المقبرة الوحيدة بين مقابر الفراعنة التي لم تتعرض للسرقة أو التدمير عبر القرون.
وأشار إلى أن القيمة الحقيقية لهذه المقبرة تكمن في سلامتها الكاملة وما تحويه من مقتنيات نادرة، جعلت منها أحد أهم الاكتشافات الأثرية في العالم. وتُظهر القطع الأثرية التي وُجدت بالمقبرة تفاصيل دقيقة عن حياة الملك، وطقوسه الدينية، وأسلوب معيشته، وحتى الأدوات التي استُخدمت في حياته اليومية.
وأكد وزيري أن هذه الخصوصية الاستثنائية تضاعف من قيمة عرض المجموعة الكاملة داخل المتحف المصري الكبير، الذي سيمنح الزائر إحساسًا حقيقيًا بالعودة إلى أكثر من 3300 عام إلى الوراء.
مركب الشمس: أسطورة فرعونية في ثوب حديث
من بين أبرز القطع التي ستُعرض داخل المتحف المصري الكبير، مركب الشمس الشهيرة الخاصة بالملك خوفو، والتي عُثر عليها بجوار الهرم الأكبر وتم ترميمها مؤخرًا بأحدث التقنيات. وأوضح وزيري أن عملية النقل تمت بدقة شديدة للحفاظ على سلامة القطع الخشبية، التي تعود لأكثر من 4500 عام.
وأضاف أن المركب الثانية للملك خوفو، والتي وُجدت مفككة إلى 1799 قطعة خشبية، تم نقلها أيضًا إلى المتحف المصري الكبير. ويعمل الأثريون المصريون حاليًا على إعادة تجميعها وترميمها بعناية فائقة، ليتم عرضها قريبًا كأحد الإنجازات الأثرية الكبرى.
وتحمل هذه المراكب قيمة رمزية وروحية كبيرة لدى المصريين القدماء، حيث ارتبطت بعقيدة البعث والخلود، إذ كانوا يعتقدون أن الملك يستخدمها للانتقال إلى الحياة الأخرى ومرافقة الشمس في رحلتها الأبدية عبر السماء.
تقنيات عرض مبتكرة تجعل الزائر جزءًا من التاريخ
كشف وزيري أن طريقة العرض في المتحف المصري الكبير ستختلف تمامًا عن أي تجربة تقليدية، إذ سيتم استخدام تقنيات حديثة تجعل الزائر يعيش تجربة غامرة كأنه داخل المقبرة نفسها.
وأوضح أن التكنولوجيا المستخدمة ستعتمد على الإضاءة الذكية، والعروض التفاعلية، والوسائط المتعددة التي تنقل الزائر إلى أجواء العصور الفرعونية، ليشعر وكأنه أحد شهود التاريخ. وأضاف أن هذه التجربة ستجعل المتحف ليس مجرد مكان للعرض، بل رحلة تعليمية وثقافية ممتعة تناسب جميع الفئات العمرية.
وأكد أن هذه الرؤية المتطورة في العرض ستجعل من المتحف المصري الكبير علامة فارقة في مجال المتاحف عالميًا، حيث سيجمع بين الأصالة التاريخية وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في العالم.
المتحف المصري الكبير: مركز عالمي للثقافة والبحث
لم يقتصر دور المتحف على عرض الآثار فقط، بل سيضم أيضًا مراكز بحثية، وقاعات محاضرات، ومكتبات متخصصة، ومساحات تعليمية للأطفال والشباب. وأوضح وزيري أن هذا البعد العلمي والثقافي سيجعل المتحف المصري الكبير مركزًا عالميًا للمعرفة، وليس مجرد وجهة سياحية.
كما أكد أن المتحف سيكون نقطة جذب سياحية ضخمة لملايين الزوار سنويًا، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.
واختتم وزيري حديثه بالتأكيد على أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون بمثابة رسالة قوية للعالم مفادها أن مصر قادرة على حماية تراثها وتقديمه في أبهى صورة، بفضل جهود أبنائها من علماء الآثار والخبراء والفنيين الذين كرسوا حياتهم لخدمة حضارة بلادهم.