عاجل

الولايات المتحدة تدعم سفيرها لدى فرنسا: باريس تدافع عن أصوات معادية للسامية

أمريكا وفرنسا
أمريكا وفرنسا

أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الإثنين، دعمها الكامل لتصريحات سفيرها في فرنسا تشارلز كوشنر، الذي اتهم الحكومة الفرنسية بعدم اتخاذ ما يكفي من الإجراءات لمواجهة تصاعد معاداة السامية، وذلك عقب استدعائه رسميًا من قبل الخارجية الفرنسية.

وفي تصريح رسمي، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، تومي بيجوت:"ندعم تصريحات السفير كوشنر، الذي يمثل حكومتنا في باريس ويقوم بدور بارز في الدفاع عن مصالحنا الوطنية".

سفير أمريكا لدى فرنسا صهر ترامب

الجدير بالذكر أن أن تشارلز كوشنر هو والد جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتعيينه في هذا المنصب جاء ضمن إدارة ترامب الثانية، ما يعكس البُعد السياسي لتصريحاته الأخيرة.

اختبار لاستقلال القرار الفرنسي

واعتبر خبراء في الشأن الفرنسي أن استدعاء باريس للسفير الأمريكي يعكس اختبارًا حادًا لاستقلالية القرار الفرنسي، خصوصًا في ظل تزايد الضغوط الأميركية والإسرائيلية على خلفية التوجه الفرنسي نحو الاعتراف بدولة فلسطين.

ويؤكد هؤلاء الخبراء أن هذه الحادثة تمثل واحدة من أكثر لحظات التوتر الدبلوماسي تعقيدًا بين فرنسا والولايات المتحدة منذ سنوات، لافتين إلى أن الموضوع يتجاوز حدود النقد المباشر لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون في مكافحة الكراهية.

وتواجه فرنسا، بحسب التحليلات، ضغوطًا مزدوجة؛ فمن جهة تسعى للحفاظ على دورها كوسيط دولي في الشرق الأوسط، ومن جهة أخرى تجد نفسها مقيدة بشراكاتها الاستراتيجية مع واشنطن وتل أبيب، ما يضيّق هامش المناورة في قراراتها الخارجية، لا سيما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

موقف فرنسي حازم

وقال جان باتيست مورو، الباحث في العلاقات الدولية في معهد مونتاني، إن استدعاء كوشنر بمثابة رسالة واضحة تؤكد على رفض فرنسا لأي تدخل خارجي في سياساتها السيادية، وخاصة تلك المتعلقة بالملف الفلسطيني.

وأشار إلى أن ماكرون يقف في موقع دقيق، مطالب داخليًا بمواجهة تصاعد الكراهية ومعاداة السامية، بينما يتعرض لضغوط من الرأي العام المتضامن مع القضية الفلسطينية، ما قد يؤثر على قدرة فرنسا في الظهور كوسيط نزيه ومحايد.

من جهته، اعتبر الباحث في السياسة الأميركية راي يانيك ميرور، مؤسس منتدى Nexus Forum، أن الرسالة التي أرسلها كوشنر تتجاوز الشأن الفرنسي الداخلي، وتعكس محاولة من إدارة ترامب لإعادة صياغة الخطاب الأوروبي تجاه الشرق الأوسط بما يتماشى مع المصالح الإسرائيلية.

وأكد أن واشنطن عادت إلى أسلوب "الدبلوماسية الضاغطة" مع حلفائها الأوروبيين، في وقت تمر فيه العلاقات الدولية بإعادة اصطفاف، خصوصًا بين أوروبا والولايات المتحدة.

وأشار ميرور إلى أن فرنسا في وضع صعب: فهي حريصة على شراكتها مع واشنطن، لا سيما في الملفات الحساسة كأوكرانيا والأمن الأوروبي، لكنها مجبرة أيضًا على الاستجابة للمطالب الشعبية والبرلمانية بضرورة الاعتراف بفلسطين.

وكانت الخارجية الفرنسية قد استدعت السفير الأمريكي تشارلز كوشنر بعد تصريحاته التي اعتبرت أن حكومة ماكرون لا تبذل جهودًا كافية لمكافحة معاداة السامية، تزامنًا مع ذكرى تحرير باريس.

وقال كوشنر في رسالته: "يجب التحرك بحزم؛ تطبيق قوانين مكافحة الكراهية دون استثناء، حماية مؤسسات الجالية اليهودية، ومقاطعة كل خطوة تضفي شرعية على حماس وتحالفاتها".

ووصف تصريحات الحكومة الفرنسية الداعمة للاعتراف بدولة فلسطين بأنها تشجع المتطرفين، وتُغذي العنف، وتهدد حياة اليهود في فرنسا.

رد فرنسي غاضب

وجاء الرد الفرنسي سريعًا، حيث وصفت وزارة الخارجية تصريحات كوشنر بأنها غير مقبولة وتمس بالسيادة الفرنسية، مؤكدة في الوقت نفسه تصميم باريس على مكافحة معاداة السامية.

وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أن عدد الجرائم المعادية لليهود في فرنسا ارتفع بشكل كبير، من 436 حادثة في 2022 إلى 1,676 حادثة في 2023، و1,570 حادثة في 2024، وهو ما يعكس التزام السلطات بمواجهة هذه الظاهرة، دون الحاجة لتوجيه خارجي.

تم نسخ الرابط