رحيل مفاجئ.. وفاة الإعلامي عاطف كامل بعد مسيرة حافلة بماسبيرو

فقد الوسط الإعلامي المصري أحد أبرز وجوهه برحيل الإعلامي القدير عاطف كامل، الذي وافته المنية تاركًا خلفه مسيرة حافلة من العطاء في بلاط ماسبيرو ، وعرف الراحل بأنه من أبرز الأصوات التي ساهمت في صياغة ذاكرة المشاهد المصري عبر تقديم العديد من البرامج التي حظيت بمتابعة واسعة.
وتميز الراحل بكامل بأسلوبه الهادئ وحضوره الطاغي على الشاشة، وهو ما جعله واحدًا من أهم المذيعين في مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري "ماسبيرو"، الذي شهد انطلاقته وبزوغ نجمه الإعلامي، ومع وفاته، يطوي الإعلام المصري صفحة مضيئة من تاريخه الحافل بالكوادر المبدعة.
ولم يكن رحيل عاطف كامل مجرد فقد لشخصية إعلامية، بل خسارة لرجل مثّل نموذجًا يُحتذى به في المصداقية والالتزام المهني، وأثرى الساحة الإعلامية بعقله وقلمه وصوته الذي ظل حاضرًا في ذاكرة جمهوره.
شهادة سهير الإتربي نقطة التحول الكبرى
ويروي الراحل في أحد حواراته السابقة أنه في عام 1997 كان يجري حوارًا صحفيًا مع الإعلامية القديرة سهير الإتربي – رحمها الله – حين اكتشفت فيه موهبة خاصة تؤهله للنجاح كمذيع. بعد انتهاء الحوار، أخبرته الإتربي بأن صوته وأسلوبه وحضوره يجعله مؤهلًا ليصبح أحد أبرز مقدمي البرامج، لتفتح أمامه بابًا لم يكن قد فكر فيه من قبل.
وعن تلك اللحظة المفصلية، أوضح كامل أنه فوجئ بتأكيد الإتربي على قدراته الإعلامية، حيث قالت له بالحرف: "أنت خُلقت لتكون مذيعًا، هل تفكر في تقديم برنامج؟"، ليجيبها بأنه لم يخطط لذلك من قبل. إلا أن كلماتها كانت الشرارة الأولى التي دفعته لخوض تجربة الاختبار أمام الكاميرا.
وأشار الي أن المفارقة أن عاطف كامل اجتاز اختبار الكاميرا من المحاولة الأولى، ولم يكن بحاجة لإعادته مرة أخرى، حيث أقنع لجنة الاختبار بموهبته وحضوره منذ اللحظة الأولى، لتبدأ رحلته مع الشاشة المصرية التي امتدت لسنوات طويلة.
الانطلاقة ببرنامج يناقش قضايا الشباب
ولم يكن عاطف كامل يبحث عن مجرد حضور إعلامي تقليدي، بل أراد أن يقدم ما يعبر عن الشباب وطموحاتهم في تلك المرحلة المهمة من حياته لذلك، كان أول برامجه يدور حول قضايا الشباب وكيفية تحقيق أحلامهم، وهو البرنامج الذي انطلق عام 1997، ليمثل البداية الحقيقية لمسيرته الإعلامية.
وقدم البرنامج طرحًا مختلفًا عن السائد آنذاك، حيث ركز على مناقشة مشكلات الشباب وإبراز طموحاتهم، إلى جانب تقديم نماذج ملهمة استطاعت تحقيق أحلامها رغم الصعاب، وهذا التوجه جعل البرنامج يحظى بمتابعة واسعة من فئة الشباب التي رأت في كامل صوتًا معبرًا عنها وعن قضاياها.
ومنذ ذلك الوقت، توالت برامجه التي جمعت بين العمق والطرح الموضوعي، وجعلته أحد أبرز المذيعين في ماسبيرو، ليصنع لنفسه مكانة خاصة لدى المشاهدين.
إرث إعلامي ومسيرة ثرية في ماسبيرو
وارتبط اسم عاطف كامل دائمًا بـ "ماسبيرو"، ذلك المبنى العريق الذي أنجب عشرات الأسماء الإعلامية الكبيرة. وعلى مدار سنوات طويلة، استطاع أن يثبت نفسه كواحد من أعمدة العمل الإعلامي في التليفزيون المصري.
ولم يكن الإعلامي الراحل مجرد مقدم برامج، بل كان إعلاميًا صاحب رسالة، يرى في الشاشة وسيلة لنقل الوعي وإيصال صوت الناس، لا مجرد وسيلة للظهور. هذا النهج أكسبه احترام زملائه وتقدير جمهوره، ليظل حاضرًا في الذاكرة الإعلامية حتى بعد رحيله.
كما كان كامل حريصًا على الالتزام بمعايير المهنة وأخلاقياتها، وهو ما جعله يبتعد عن الصخب الإعلامي والجدل المفتعل، مكتفيًا بتقديم محتوى هادف يليق بمكانة الإعلام المصري.
أثره على الأجيال الجديدة من الإعلاميين
ولم يقتصر تأثير عاطف كامل على برامجه فقط، بل امتد إلى الأجيال الجديدة من الإعلاميين الذين رأوا فيه نموذجًا للجدية والالتزام. كان كثيرًا ما يقدم النصائح لزملائه الأصغر سنًا، مؤكدًا أن الإعلام رسالة قبل أن يكون مهنة.
وكان دائم الحديث عن أن المذيع الناجح هو من يستطيع أن يجذب انتباه المشاهد بمصداقيته، لا بمظهره أو صوته فقط، وهو ما جسده كامل طوال مسيرته، لذلك، لم يكن مستغربًا أن يصفه كثيرون بأنه "مدرسة إعلامية متكاملة" خرجت أجيالًا من المذيعين.
وداع بحجم العطاء
وبرحيل الإعلامي عاطف كامل، يخسر الوسط الإعلامي أحد أبنائه المخلصين الذين تركوا بصمة مميزة في بلاط ماسبيرو. رحل بعد مسيرة امتدت لعقود، لكنه ترك إرثًا مهنيًا سيظل حاضرًا في وجدان محبيه وزملائه وجمهوره.
ويظل اسمه شاهدًا على جيل من الإعلاميين الذين حملوا على عاتقهم رسالة التنوير والتثقيف، وأخلصوا للمهنة بعيدًا عن الأضواء الزائفة أو السعي وراء الشهرة السريعة.