عاجل

ما حكم غسل القدمين في الوضوء لمريض السكري؟.. الإفتاء توضح

الوضوء
الوضوء

أوضحت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا للمصاب بالتهابات في القدمين، خصوصًا ما بين الأصابع، أن يكتفي بغسلهما مرة واحدة في أول وضوء له خلال اليوم والليلة، ثم يترك غسل مواضع الالتهاب بقية الوقت بحسب ما يوصي به الطبيب. ويُشرع له أن يقتصر على المسح عند الوضوء إن تيسر ذلك، فإن تعذر المسح وكان قادرًا على وضع حاجز كمرهم أو كريم أو قطعة قماش تحفظ الموضع من وصول الماء، فعل ذلك ثم مسح عليه.

أما إذا لم يتمكن من المسح، فعليه أن يتيمم بعد وضوئه عن المواضع التي لم يصلها الماء ولم يُمسح عليها، فإن لم يستطع التيمم أيضًا، فلا حرج عليه في تركه إلى أن يشفى أو يصبح قادرًا على غسل قدميه أو مسحهما بلا ضرر، ولا إثم عليه في ذلك مطلقًا.

حكم غسل الرجلين في الوضوء

جعل الله سبحانه وتعالى الطهارة من الحدث والنجس شرطًا أساسيًا لصحة الصلاة، ومن ذلك الوضوء الذي هو طهارة من الحدث الأصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» (متفق عليه).

ومن المعلوم في الشريعة الإسلامية أن غسل الرجلين إلى الكعبين ركن من أركان الوضوء لا تصح الصلاة بدونه، وذلك بنص القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6].

كما جاء في حديث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ فأسبغ الوضوء، وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).

ولهذا أفتى جمهور العلماء بوجوب غسل القدمين في الوضوء، بل نقل الإمام النووي في “المجموع” الإجماع على ذلك، كما ذكر ابن قدامة في “المغني”.

حكم غسل القدمين في الوضوء لمرضى السكري

ومع أن الشريعة الإسلامية أوجبت غسل الرجلين، إلا أنها جاءت باليسر ورفع الحرج عن المكلفين، فالتكاليف الشرعية لم تُشرع لإيصال الضرر، وإنما لتحقيق مقاصد الطهارة والعبادة، قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال أيضًا: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].

ولهذا قرر الفقهاء قاعدة: “المشقة تجلب التيسير” و”الضرر يزال”، أي أن المسلم إذا تضرر من غسل عضو من أعضاء الوضوء لم يُكلَّف به، بل ينتقل إلى ما يناسب حاله من البدل الشرعي.

فالمصاب بمرض السكري الذي يعاني من تشققات أو جروح في قدميه ويتضرر من غسلها، لا يلزمه الغسل الكامل، وإنما يعمل بما يلي:

1- مذهب الحنفية

يرون أن من كان في رجليه شقوق أو جروح ويتضرر من غسلها، جاز له أن يُمر الماء على الدواء أو الجبيرة الموضوعة عليها، ولا يلزمه إعادة الغسل ولا المسح. فإن عجز عن المسح أيضًا، سقط عنه، ويغسل ما حوله فقط، كما ورد في “الفتاوى الهندية” و”مراقي الفلاح”.

2- مذهب المالكية

فرّقوا في الأمر:
• إن كان الغسل يؤدي لزيادة المرض أو تأخر الشفاء، وجب المسح على موضع الجرح أو على الدواء أو الجبيرة الموضوعة عليه.
• فإن لم يمكن مسه بالماء، مسح على الحائل ولو كان خرقة أو لفافة.
• فإن تعذر ذلك كله: فإما أن يكتفى بغسل الصحيح ويسقط الجريح، أو يتيمم له، أو يجمع بين الغسل والتيمم، على أربعة أقوال مشهورة في المذهب. وقد ذكرها النَّفَرَاوِي في “الفواكه الدواني” والدردير في “الشرح الكبير”.

3- مذهب الحنابلة

قالوا: إن كان في الرجل جرح يخشى من غسله زيادة الألم، مسح على موضع الجرح أو على الجبيرة. فإن لم يكن هناك جبيرة ولا حائل، وجب عليه غسل الصحيح والتيمم عن موضع الجرح. كما أفتى الإمام أحمد: “إذا خشي أن يزداد وجعه بالاغتسال، مسح على الجرح أو على ما فوقه”. وذكر البهوتي في “شرح منتهى الإرادات” أن المسح على الجبيرة واجب، فإن تعدت الجبيرة موضع الحاجة وجب نزعها، فإن خاف الضرر تيمم للزائد.

4- مذهب الشافعية

أوجبوا الجمع بين غسل الصحيح والتيمم عن الجريح إذا تعذر غسله أو مسحه، فيتوضأ أولًا ثم يتيمم بعده مباشرة، ليكون التيمم بدلًا عن الجزء المتعذر غسله. وقد بيَّن الخطيب الشربيني ذلك في “مغني المحتاج”، حيث قال بوجوب مسح الجبيرة إن أمكن، ثم التيمم مع غسل الأعضاء السليمة.

تفصيلات عملية للمريض
• إذا استطاع غسل رجليه مرة واحدة في اليوم دون ضرر، اكتفى بها، ثم يكتفي بالمسح في بقية الأوقات.
• إذا تضرر من الغسل والمسح معًا، جاز له وضع حائل كالمراهم أو الشاش الطبي، ثم إمرار الماء أو المسح عليه.
• إذا تعذر حتى المسح على الحائل، فهنا يأتي التيمم حسب المذهب المتبع.
• عند الشافعية والحنابلة: يجمع بين غسل الصحيح والتيمم عن موضع العجز.
• عند الحنفية: يسقط المسح إذا تعذر، ويغسل الصحيح فقط.
• عند المالكية: لهم أقوال متعددة، منها سقوط الغسل عن الموضع أو الجمع بين الغسل والتيمم

تم نسخ الرابط