تصعيد الموانئ الأوروبية يهدد الإمدادات العسكرية لإسرائيل

كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن تصاعد التحديات التي تواجه سلاسل توريد الأسلحة إلى إسرائيل، في ظل بالصحوة النقابية في عدد من الموانئ الأوروبية، والتي تسعى لعرقلة وصول الإمدادات العسكرية إلى تل أبيب، على خلفية استمرار الحرب العدوانية على قطاع غزة.
وفي تقريرها، أشارت الصحيفة إلى حادثة وقعت في ميناء مرسيليا-فوس جنوب فرنسا، حيث قام عمال الميناء خلال شهر يوليو الماضي بتفتيش آلاف الحاويات، بعد تلقيهم معلومات عن شحنة كانت متجهة إلى إسرائيل عبر سفينة "كونتشيب إيرا".
وبحسب التقرير، فإن السفينة أبحرت لاحقًا إلى حيفا دون الصناديق التي يُعتقد أنها أُعيدت إلى شركة "يورولينكس" في مرسيليا.
وأوضح ألفونسو دورادو، محامي جمعية "جوردي المحامون من أجل احترام القانون الدولي"، أن رفض عمال الميناء تحميل تلك الصناديق يُعد انتصارًا صغيرًا لكنه مهم.
انعكاسات استراتيجية واقتصادية
رغم التقدم الكبير الذي أحرزته إسرائيل في مساعيها نحو الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأسلحة، إلا أن "تايمز أوف إسرائيل" حذرت من أن تأخير وصول بعض الأجزاء الصغيرة وغير المتوفرة محليًا قد يتسبب في تداعيات استراتيجية.
وأشار إران شامير بورير، مدير مركز الأمن القومي والديمقراطية في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، إلى أن غياب هذه الأجزاء الحيوية "قد يؤدي إلى تأخيرات حرجة في العمليات، وقد يُجبر الصناعات الدفاعية الإسرائيلية على تصنيعها داخليًا، ما قد يكون مكلفًا أو يؤثر على الجودة".
مضايقات متكررة في موانئ أوروبا
لم تكن واقعة مرسيليا استثناءً. ففي أبريل الماضي، تمكن عمال الميناء ذاته من تعطيل شحنة يُعتقد أنها احتوت على مكونات لطائرات F-35 كانت متجهة إلى إسرائيل. وعلى إثر الحادث، أعلنت شركة الشحن العالمية "ميرسك" عن تغيير بعض مساراتها لتفادي ميناء مرسيليا-فوس.
وفي ميناء بيرايوس اليوناني، منعت نقابة العمال (ENEDEP) في يوليو شحنة فولاذ عسكري متجهة لإسرائيل، بينما طالبت أربع منظمات غير حكومية في بلجيكا بوقف شحنة قطع غيار مرتبطة بدبابات "ميركافا"، كانت تمر عبر ميناء أنتويرب، ثاني أكبر مرفأ في أوروبا.
أما في السويد، فقد صوت أكثر من ثلثي أعضاء اتحاد عمال الموانئ في يناير الماضي لصالح مقاطعة تامة لأي شحنات عسكرية قادمة من أو متجهة إلى إسرائيل.
تحالف دولي ضد التسليح
لم تقتصر الضغوط على النقابات فقط، إذ انضمت حكومات إلى الحملة المناهضة لتوريد الأسلحة، مثل تحالف "مجموعة لاهاي"، الذي يضم دولًا من الجنوب العالمي بينها: كولومبيا، جنوب أفريقيا، بوليفيا، ماليزيا، السنغال، تشيلي، وغيرها.
وقد أعلن التحالف في يوليو الماضي حظرًا شاملًا على إرسال أو استقبال شحنات أسلحة تخص إسرائيل، متعهدًا بعدم السماح لأي سفينة مرتبطة بالتسليح بالرسو في موانئه.
وكانت دول أخرى مثل إسبانيا وتركيا قد اتخذت إجراءات مشابهة في أوقات سابقة للحد من نقل السلاح إلى إسرائيل، حسبما ورد في التقرير.
الضغوط تمتد إلى المطارات
وامتد الحظر كذلك إلى الشحنات الجوية. ففي يونيو الماضي، اكتشف موظفو مطار شارل ديجول في باريس شحنة فولاذ عسكري كانت متوجهة إلى شركة "إلبيت" الإسرائيلية، وتم تعليق التسليم بسبب الإغلاق الجوي الإسرائيلي جراء الحرب مع إيران، ثم تدخلت نقابات عمال النقل الأوروبي لمنع إرسال الشحنة.
وفي بيان صادر عن نقابة عمال المطارات، عبّر أعضاؤها عن رفضهم التام للمشاركة بأي شكل في "أنشطة لوجستية قد تسهم في الجرائم المستمرة ضد المدنيين في غزة"، على حد تعبير البيان.
المسؤول النقابي الطيب حويرة صرح بدوره بأن نقل أسلحة عبر مطار مدني أمر غير مسبوق، مشيرًا إلى أن دور عمال المطارات يتمثل في تسهيل السفر وحفظ السلام، وليس المشاركة في الحروب.
تصعيد غير مسبوق
اختتم التقرير بالإشارة إلى أن القيود المفروضة حاليًا على الأسلحة الموجهة لإسرائيل، تتجاوز بكثير ما تم تسجيله في فترات سابقة، حيث أكد شامير بورير أن "ما نشهده اليوم يمثل حملة غير مسبوقة من الضغوط، تتجاوز مجرد اعتراضات فردية أو رمزية، وقد تؤثر فعليًا على الأداء العسكري الإسرائيلي إذا استمرت على هذا النحو".