رامي عاشور: استخدام الفيتو السياسي يحول الأمم المتحدة أداة لمصالح القوى الكبرى

أكد الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، أن فشل الأمم المتحدة ليس نتيجة خلل في النظام الدولي، بل هو ناتج عن تواطؤ الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
خلل النظام الدولي
وأوضح رامي عاشور أن الأمم المتحدة تلقت على مدار السنوات خطط إصلاح متعددة، سواء من الأمين العام الأسبق بطرس غالي أو من مصر عام 2003، إلا أن هذه المبادرات اصطدمت برفض دائم من الدول الكبرى التي تستخدم حق النقض "الفيتو" لحماية مصالحها.
وأشار خلال لقاءه في برنامج "مساء جديد" على قناة المحور الفضائية، إلى أن مجلس الأمن أصبح أداة لخدمة هذه القوى بدلًا من حماية السلم والأمن الدوليين، مؤكداً أن أي قضية تهدد مصالحها يتم تعطيل التعامل معها عمدًا، قائًلا: "طالما تهدد أي قضية مصالح القوى الكبرى، فإن مجلس الأمن يتوقف عن اتخاذ قرارات فعالة، وهذا ما يوضح سبب استمرار أزمات عديدة دون حل".
استخدام الفيتو لصالح خاصة
ووضح "عاشور" أن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو 92 مرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 حتى ديسمبر 2024، من بينها 49 مرة لدعم إسرائيل، ما منع صدور أي إدانة رسمية ضد الاحتلال، مضيفًا: "هذا الاستخدام المتكرر للفيتو يوضح كيف يتم توظيف المنظمات الدولية لخدمة مصالح القوى الكبرى على حساب العدالة الدولية".
وأشار إلى أن روسيا استخدمت حق الفيتو 18 مرة فقط لحماية نظام بشار الأسد، موضحًا أن الفيتو لا يُستخدم عشوائيًا، بل يخدم أهداف القوى الكبرى السياسية والاقتصادية، ما يجعل مجلس الأمن بعيدًا عن الحيادية، فضًلا عن أن هذا الواقع يعكس أن المنظمة الدولية تُدار وفق مصالح هذه القوى وليس وفق القانون الدولي أو حماية حقوق الشعوب.
نقد بناء وميثاق شرف
وأوضح "عاشور" أن أي تصريح من الأمين العام للأمم المتحدة ينتقد هذه السياسات يُعتبر نقدًا بناءً وليس مجرد تصريحات إعلامية، لأنه يكشف عن خلل هيكلي جوهري في النظام الدولي، قائًلا: "حين يصرح الأمين العام بوجود خلل، فهو يعكس الحقيقة الموجعة، إذ أن القوى الكبرى مستفيدة من هذا الوضع ولا ترغب في إصلاحه".
وأشار رامي عاشور إلى أن النقد البناء يعكس ميثاق شرف، ويؤكد على الحاجة الماسة لإصلاح مجلس الأمن ليكون قادرًا على حماية السلم والأمن الدوليين دون تدخلات سياسية موجهة، مضيفًا أن تجاهل هذا الواقع يؤدي إلى استمرار الفشل الدولي في حل الأزمات الإقليمية والدولية الكبرى.
مبادرة إصلاح مجلس الأمن
أوضح رامي عاشور أن مصر تقدمت بمقترح لإعادة تشكيل مجلس الأمن بما يوازن بين مصالح الدول الكبرى والدول النامية، قائًلا: "التصور المصري يهدف إلى تقليل هيمنة القوى الكبرى وإعطاء فرصة أكبر للدول الأخرى للتأثير في السياسات الدولية بشكل عادل وشفاف".
وأكد أن الإصلاح يتطلب جهودًا دبلوماسية واسعة، وتنسيقًا بين الدول الأعضاء لدعم مبادرات تحقق العدالة الدولية، وتعزز القدرة الحقيقية للأمم المتحدة على حماية حقوق الشعوب وتطبيق القانون الدولي.

فشل الأمم المتحدة
ختم رامي عاشور حديثه بالتأكيد على أن فشل الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليس نتيجة عشوائية أو قصور إداري، بل هو نتاج مباشر لتواطؤ القوى الكبرى واستغلالها للمنظمات الدولية لتحقيق مصالحها الخاصة، ذكرًا: "الإصلاح ليس خيارًا، بل ضرورة ملحة لضمان أن تلعب الأمم المتحدة دورها الحقيقي في حفظ السلم والأمن الدوليين، وحماية حقوق الشعوب من الانتهاكات المستمرة".
وشدد على أن أي تحرك دولي حقيقي يجب أن يركز على محاربة الهيمنة الكبرى، وتعزيز العدالة والمساءلة داخل المنظمة الدولية، بما يضمن قدرتها على مواجهة الأزمات دون تحيز أو استغلال سياسي.