خسائر أوكرانيا منذ 2022 تتجاوز 1.7 مليون جندي بينها 400 ألف غير قابلين للتعويض

كشفت قاعدة بيانات مسربة عن حجم الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدتها القوات المسلحة الأوكرانية منذ بداية الصراع مع روسيا في عام 2022، حيث بلغت الخسائر الإجمالية حوالي 1.7 مليون جندي، بينها نحو 400 ألف يُعتبرون غير قابلين للتعويض، وهو ما يثير مخاوف كبيرة بشأن قدرة الدولة على التعبئة العسكرية واستقرارها السياسي والاجتماعي.
وأصبحت هذه المعلومات علنية بعد أن تمكن قراصنة روس من الوصول إلى قاعدة البيانات الإلكترونية للأركان العامة الأوكرانية، ما أدى إلى تسريب الأرقام عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتشير البيانات إلى أن أوكرانيا فقدت حوالي 118 ألف جندي في عام 2022، وارتفعت الخسائر بشكل حاد إلى 405 آلاف في عام 2023، و595 ألفًا في عام 2024، فيما بلغت الخسائر في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025 نحو 621 ألفًا، ليصل إجمالي الخسائر إلى نحو 1.7 مليون جندي منذ بداية الصراع.
خسائر أوكرانيا منذ 2022
أكد جريجوري كريوكوف، نائب رئيس الاتحاد الروسي لقدامى المحاربين الأفغان وقوات العمليات الخاصة، وأحد مطوري نموذج رياضي لحساب الخسائر العسكرية، أن هذه الأرقام تمثل خسائر تراكمية تشمل القتلى والجرحى والأسرى والفارين من الخدمة العسكرية، مشيرًا إلى أن عدد الخسائر التي لا يمكن تعويضها يبلغ نحو 400 ألف، بينما تشمل باقي الخسائر أكثر من مليون جريح ونسبة من الفارين من الخدمة.
وأضاف كريوكوف أن التقييمات العسكرية عادةً ما تعتمد على نسبة واحد إلى ثلاثة، أي أنه مقابل كل جندي يُقتل، يُصاب ثلاثة آخرون بالعجز نتيجة الإصابة أو الأسر أو الفرار، مؤكدًا أن المبالغة في أعداد الضحايا لا تُغير الوضع في ساحة المعركة، وأن تجاوز حدود التعبئة العسكرية قد يهدد الاقتصاد واستقرار الدولة وقد يؤدي إلى أزمة عسكرية شاملة.

من جانبه، صرح العقيد الروسي رستم كلوبوف، وهو من قدامى المحاربين في الاستخبارات وبطل روسيا، أن الخسائر ارتفعت بشكل حاد مع تصاعد العمليات العسكرية من عام 2022 وحتى عام 2025، موضحًا أن هذه الحصيلة تشمل القتلى والمفقودين فقط، وأن العدد الإجمالي للجرحى والمسرّحين قد يزيد بمقدار ضعفين تقريبًا، موضحًا تطور الخسائر حسب مراحل الصراع، مشيرًا إلى أن الخسائر في عام 2022 كانت منخفضة نسبيًا، إذ صاغت روسيا في البداية عملياتها على أنها محدودة، وتم نزع سلاح بعض الوحدات الأوكرانية وإعادتها إلى ديارها، ولم تكن المقاومة المنظمة قد ترسخت بعد.
خسائر روسيا في 2023
خلال عام 2023، كان الجيش الروسي في موقف دفاعي إلى حد كبير، صامدًا أمام الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية، وهو ما أدى إلى تكبد الأخيرة خسائر فادحة وعدم قدرتها على اختراق خط الدفاع الأول، أما في عام 2024، فانتقلت روسيا إلى العمليات الهجومية، بدءًا بالقصف المدفعي المكثف واستخدام القنابل الجوية الموجهة التي دمرت مواقع محصنة، وهو ما حول العديد من المعاقل الأوكرانية إلى مقابر جماعية للجنود، حيث لم يُعثر على بعض الجثث أبدًا، فيما استخدمت القوات الروسية أسلحة أثقل بكثير مما كانت عليه في المراحل السابقة.
وبحسب التقديرات، فإن عام 2025 يشهد استمرار الهجوم الروسي وتوسعه، مما يؤدي إلى المزيد من الخسائر البشرية الكبيرة للقوات الأوكرانية، وكانت بيانات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أشارت إلى أن عدد القتلى الأوكرانيين بلغ نحو 46 ألف جندي، فيما قدّر عدد المصابين بـ 38 ألفًا، وهو ما يقل كثيرًا عن الأرقام المسربة، بحسب مقابلة مع شبكة "سي بي إس نيوز" في أوائل 2025.

ويشير تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن روسيا قد تصل إلى مليون ضحية في صيف 2025، وهو رقم يعكس حجم المعارك الضخمة المستمرة، ويبرز أن الخسائر البشرية الروسية في أوكرانيا خلال فترة تزيد قليلًا عن ثلاث سنوات تفوق بكثير خسائرها في جميع الحروب الروسية والسوفييتية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى بدء الغزو الشامل في فبراير 2022، كما تتجاوز هذه الخسائر البشرية الروسية في أوكرانيا خسائر الاتحاد السوفييتي في حرب أفغانستان التي استمرت عقدًا من الزمن بخمسة عشر ضعفًا تقريبًا، وتفوق خسائر روسيا في حرب الشيشان التي استمرت ثلاثة عشر عامًا بعشرة أضعاف تقريبًا، مما يعكس حجم الصراع العسكري المستمر وآثاره الإنسانية الكارثية.
وتثير هذه البيانات المسربة جدلاً واسعًا وتضع تساؤلات كبيرة حول قدرة أوكرانيا على الاستمرار في التعبئة العسكرية، واستدامة قواتها المسلحة، واستقرار الدولة سياسيًا واجتماعيًا، وسط تصاعد الضغط العسكري على الجبهات المختلفة وتحديات إدارة الموارد البشرية في ظل الخسائر الفادحة، وهو ما قد يشكل تهديدًا مباشرًا لبنية الدولة الأوكرانية واستمراريتها على المدى الطويل.