ريم بسيوني: القلب السليم مفتاح الاقتراب من الله عند الغزالي |فيديو

أكدت الكاتبة ريم بسيوني، الروائية وأستاذة اللغويات بالجامعة الأمريكية، أن الإمام أبو حامد الغزالي ميز بين نوعين من القلب، الأول القلب العادي الذي يضخ الدم في جسم الإنسان، والثاني القلب الروحي الذي نواجه به الله سبحانه وتعالى.
نوعين من القلب
وأشارت ريم بسيوني، خلال حوارها في برنامج "نظرة" على قناة صدى البلد، تقديم الإعلامي حمدي رزق، إلى الآية القرآنية "إلا من أتى الله بقلب سليم"، موضحة أن القلب السليم هو الذي يمتلك البصيرة والفهم، ويُمكّنه من الاقتراب من الله عز وجل.
وقالت ريم بسيوني، إن إصلاح القلب والعمل على تنقيته من الشوائب الداخلية يجعل الإنسان قادرًا على مواجهة التحديات الروحية والفكرية، ويرتقي به نحو لقاء الله سبحانه وتعالى، مؤكدة أن هذا المفهوم يبرز المكانة الكبرى للقلب في الفكر الإسلامي، ليس مجرد عضو بيولوجي، بل مركز للروحانية والوعي.
رحلة الفكر والإصلاح الروحي
وأضافت ريم بسيوني أن الإمام الغزالي يُعد واحدًا من أبرز فلاسفة الإسلام وأكثرهم تأثيرًا، لافتة إلى أن كتابه الشهير "المنقذ من الضلال" يُعد سيرة فكرية تشمل محطات مهمة في حياته الفكرية والروحية، ويُعتبر مرجعًا أساسيًا لفهم كيفية إصلاح القلب والعقل معًا، موضحًا أن هذا الكتاب يعكس المسار الذي اعتمده الغزالي للارتقاء بالفكر الديني، من خلال الجمع بين المعرفة النظرية والتجربة الروحية.
وتابعت ريم بسيوني أن الغزالي اهتم بتوضيح الفرق بين العلم الظاهري والعلم القلبي، مشيرة إلى أن القلب السليم هو الذي يمكنه التمييز بين الحق والباطل، ويمنح صاحبه القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في الحياة الروحية واليومية على حد سواء، فضًلا عن أن هذا التمييز يجعل من الغزالي نموذجًا للفكر الإسلامي الذي يجمع بين العقل والإيمان.
القلب السليم .. مفتاح اللقاء الإلهي
وأشارت ريم بسيوني إلى أن مفهوم القلب عند الغزالي لا يقتصر على الجوانب النظرية، بل يرتبط بالجانب العملي والسلوكي للإنسان، موضحة أن إصلاح القلب يعني أيضًا تنقية النوايا والأفعال والتصرفات اليومية بما يتوافق مع القيم الإسلامية السامية، مبينًا أن من يمتلك قلبًا سليمًا يكون أكثر قدرة على مواجهة الصعاب، ويستطيع أن يعيش حياة متوازنة بين الروح والجسد.
وأكدت ريم بسيوني أن القرآن الكريم أعطى أهمية كبيرة للقلب، حيث ذكر في عدة آيات أن القلب هو مركز البصيرة والوعي، مشيرة إلى أن قلب الإنسان هو محور العلاقة بينه وبين الله، وبين الإنسان والآخرين في المجتمع، مما يجعل إصلاح القلب والعمل على سلوكه القويم أمرًا ضروريًا لتحقيق السلام الداخلي والخارجي.
الغزالي بين الفكر والواقع
وأوضحت ريم بسيوني أن أفكار الغزالي حول القلب والسلوك الروحي تبقى ذات صلة بالواقع المعاصر، فهي توفر أدوات عملية لفهم الذات وإدارة العلاقات الإنسانية بطريقة تتفق مع القيم الدينية والأخلاقية، لافته إلى أن قراءة "المنقذ من الضلال" تتيح للإنسان المعاصر فرصة لتطوير وعيه الروحي وتحقيق التوازن بين الحياة المادية والروحية، وهو ما يجعل الغزالي مرجعًا خالدًا في الفكر الإسلامي.
وتابعت ريم بسيوني أن هذه الأفكار تعزز مفهوم المسؤولية الفردية والاجتماعية، حيث أن القلب السليم ليس مجرد مسألة شخصية، بل يؤثر على البيئة المحيطة بالإنسان، ويعكس ثقافة الاحترام والتعايش مع الآخرين، ويبرز دور العقل والنفس في تحقيق مجتمع متماسك ومستقر.

الغزالي وإصلاح النفس
واختتمت ريم بسيوني حديثها بالتأكيد على أن الغزالي وضع الإنسان في قلب اهتمامه، وركز على إصلاح النفس والارتقاء بها نحو الله، مشيرة إلى أن هذا الإصلاح لا يقتصر على الجانب الروحي فقط، بل يمتد ليشمل السلوكيات اليومية والقرارات الحياتية. وقالت إن دراسة فكر الغزالي تساعد على فهم العلاقة بين القلب والعقل والروح، وكيفية تحقيق التوازن بينهما لتحقيق حياة متكاملة.
وشددت ريم بسيوني إلى أن رسالة الغزالي تظل حية، إذ أن القلب السليم يشكل قاعدة أساسية لفهم الذات وإصلاح المجتمع، مؤكدة أن العمل على تنقية القلب هو السبيل للارتقاء الروحي والفكري، ولقاء الله سبحانه وتعالى بقلب سليم، كما جاء في القرآن الكريم.