من ماسح أحذية إلى أشهر قاضٍ في أمريكا.. قصة القاضي الذي أبهر الملايين

يُعرف القاضي الأمريكي فرانك كابريو بلقب "القاضي الرحيم"، بعد أن تحوّل إلى ظاهرة إنسانية حقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، بفضل أسلوبه الإنساني في إصدار الأحكام، وتعاطفه الواضح مع المتهمين خاصة من الفئات الفقيرة والمهاجرين.
شهرة فرانك كابريو بالقاضي الرحيم
يشغل كابريو منصب رئيس قضاة محكمة بلدية بروفيدنس في ولاية رود آيلاند الأمريكية منذ عام 1985، كما تولى رئاسة مجلس محافظي رود آيلاند للتعليم العالي لمدة 10 سنوات، وتمكّن من ترك بصمة فريدة في عالم العدالة، حيث امتزجت القوانين في قاعاته بالرحمة والتفهم.
قاضٍ بنكهة إنسانية.. كيف بدأ فرانك كابريو مسيرته؟
ولد فرانك كابريو في 23 نوفمبر من عام 1936 في مدينة بروفيدنس، لعائلة فقيرة من أصول إيطالية. والده أنطونيو كان مهاجرًا من مدينة تيانو الإيطالية ويعمل بائعًا للفواكه والحليب، بينما والدته فيلومينا كابريو كانت ربة منزل تنحدر من مدينة نابولي.
نشأ كابريو وسط بيئة بسيطة جعلته يدرك معاناة الفقراء مبكرًا، فعمل منذ صغره كموزع صحف وماسح أحذية ليساهم في إعالة أسرته. هذه التنشئة الصعبة غرست فيه قيم التعاطف والعدالة الاجتماعية، التي ظهرت لاحقًا في طريقة تعامله مع المتهمين في قاعاته.
حياة أسرية مستقرة.. والزواج من جويس
في ستينيات القرن الماضي، تزوّج كابريو من السيدة جويس كابريو، ولديهما خمسة أبناء، إلى جانب سبعة أحفاد واثنين من أبناء الأحفاد. وقد لعبت العائلة دورًا محوريًا في حياته، فظلّ متمسكًا بروابطه الأسرية رغم انشغاله بالعمل القضائي والعام.
من المصارعة إلى قاعة المحكمة
درس فرانك كابريو في المدارس العامة بمدينة بروفيدنس، وكان يوفّق بين الدراسة والعمل، وتميّز في رياضة المصارعة حتى فاز بلقب ولاية رود آيلاند عام 1953.
تخرّج من كلية بروفيدنس عام 1958، ثم عمل مدرّسًا بمدرسة هوب الثانوية، وفي الوقت ذاته واصل دراسته في كلية الحقوق بجامعة سوفولك ببوسطن ليلًا، إلى أن حصل على الشهادة القانونية وبدأ مسيرته كمحامٍ.
المسيرة السياسية والعمل العام
التحق كابريو بكتيبة المهندسين القتالية في الحرس الوطني بين عامي 1954 و1962، ثم بدأ مشواره السياسي بعد انتخابه عضوًا في مجلس مدينة بروفيدنس عام 1962، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1968.
كما انتُخب كمندوب في المؤتمر الدستوري لولاية رود آيلاند عام 1975، وشارك خمس مرات كمندوب في المؤتمرات الوطنية للحزب الديمقراطي. إضافة إلى ذلك، شغل منصب رئيس مجلس التعليم العالي في رود آيلاند لمدة عقد كامل.
باب الشهرة العالمية
في عام 1985، بدأ كابريو عمله كقاضٍ في محكمة بلدية بروفيدنس، ولاحقًا أطلق شقيقه جو كابريو برنامجًا تلفزيونيًا بعنوان Caught in Providence أو "اعتقال في بروفيدنس"، الذي وثّق جلساته القضائية وعرضها عبر التلفزيون ومنصات التواصل.
انتشرت مقاطع الفيديو بشكل واسع، وحصدت ملايين المشاهدات بسبب أسلوب كابريو المتعاطف، وتعامله مع المخالفات البسيطة بروح الدعابة والرحمة.
من قاضٍ إلى رمز إنساني
يؤمن القاضي كابريو بأن خلف كل مخالفة قصة إنسانية تستحق أن تُسمع، وقد صرّح قائلًا: "أعتقد أنه ينبغي أن أضع في اعتباري أن الشخص ربما يكون مريضًا، أو فقد أحد والديه، أو أن أطفاله يتضورون جوعًا، أنا لا أضع شارة أسفل البذلة بل قلبًا".
كلماته هذه تحوّلت إلى شعار لطريقته الفريدة في تطبيق القانون، حيث لم يكن يكتفي بتطبيق النصوص الجامدة بل كان ينصت ويقدّر ظروف المتهمين.
القيم التي ورثها من والده
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد ورث كابريو رحمته وإنسانيته من والده المهاجر، الذي رغم ظروفه الصعبة كان يدفع فواتير من لا يملكون القدرة على السداد.
وقد شكّلت هذه التجربة العائلية نقطة تحول في حياة فرانك، وغرست فيه مبادئ العدالة الاجتماعية ومساعدة الآخرين.
دعم التعليم وتكافؤ الفرص
أسّس القاضي كابريو صندوقًا للمنح الدراسية في كلية الحقوق بجامعة سوفولك، مخصصًا لطلاب ولاية رود آيلاند المتفوقين، بهدف دعم الولوج إلى التعليم القانوني خاصة للطلاب من المجتمعات الفقيرة.
هذه الخطوة تعكس التزامه المستمر بتحقيق العدالة خارج أسوار المحكمة أيضًا، من خلال تمكين الشباب وتكريس قيم المساواة وتكافؤ الفرص.