فتوى chatGPT.. كيف نميز الحق من الباطل في حديث الروبوت باسم الدين؟

قال محمد حبيب أخصائي نفسي بدار الإفتاء المصرية، في بيانه كيفية تمييز الحق من الباطل في حديث الربوت باسم الدين: «يا من تبحث عن النور في دينك، حين تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي، تذكّر أنك تتعامل مع آلة باردة لا تعرف الرحمة ولا تخاف الله، مهما كانت صياغتها راقية، قلبك أمانة، وعقيدتك أغلى ما تملك، فلا تضعها بين يدي منظومة لا تشعر ولا تتألم ولا تتوب. واعلم أن الدين ليس كلمات تُصفّ بعناية فحسب، بل هو نور يتغلغل في القلوب، ولا يحمله إلا إنسان صادق مؤمن».
نداءات عاجلة وصادقة لكل باحث عن الوعظ والفتوى في "الشات جي بي تي" وأخوته
وتابع: يا أخي الحريص على الحق، قد تصلك من الذكاء الاصطناعي إجابة دينية مذهلة، منسقة بأسلوب بديع ولغة فصيحة، لكن وراء هذا اللمعان قد يختبئ خطأ قاتل أو تحريف دقيق. واعلم أن الانبهار السريع عدوّ الفهم العميق؛ فهو يغلق عينك عن رؤية الخلل. فلا تجعل جمال العبارة يسرق منك حقك في التثبت، ولا تسمح للبلاغة المصطنعة أن تخدعك عن جوهر الحقيقة.
وأضاف محمد حبيب: أيها الباحث عن اليقين، كل معلومة دينية بلا سند أو مصدر واضح هي معلومة مشبوهة مهما بدت منطقية. النفس التي تعوّدت على السؤال عن المصدر تصبح حصينة أمام التضليل. فاجعل هذا السؤال عادة ذهنية: "من أين أتى هذا الحكم؟ وأين الدليل؟ ومن قال به من أهل العلم؟" ولا تكتفي بهذا بل تحرى وسَلْ المتخصصين من العلماء وبقدر ما تسأل، تقترب من الحق وتبتعد عن الوهم.
ونبه: يا طالب الهداية، الذكاء الاصطناعي أداة، لكن الحق يُؤخذ من أهله الذين عاشوا مع النصوص وعرفوا مقاصد الشريعة وأسرارها. الفارق بين الآلة والعالم ليس في حجم المعلومات، بل في النور الذي يقذفه الله في قلب العالم نتيجة إخلاصه وصدقه. فلا تقطع حبالك مع العلماء مهما تطورت التقنية، فالآلة قد تهديك إلى طريق معتم، أما العالم الرباني فيأخذ بيدك إلى النور.
المعلومة الخطأ في ثوب من اليقين القاطع
وتابع: أيها الحذر على دينه، أخطر ما يمكن أن يقدمه لك الذكاء الاصطناعي ليس المعلومة الخطأ، بل المعلومة الخطأ في ثوب من اليقين القاطع. النفس حين تتشبع بيقين مزيف تصبح أقل رغبة في البحث والتحقق، وهنا تبدأ رحلة الانحراف الهادئ الذي لا تشعر به إلا وقد تغيّر مسار قلبك وفكرك. فواجه هذا الخطر بتربية نفسك على الشك الصحي حتى مع أكثر الإجابات إقناعًا.
وأكمل: أيها الأمين على دينه، التحقق من صحة المعلومة الدينية ليس إجراءً تقنيًا فقط، بل هو عبادة، لأنك تحفظ بها دينك ودين غيرك من التحريف. حين تقف أمام نص قرأته من الذكاء الاصطناعي، وتهتم بمراجعة صحته قبل أن تنشره، فأنت تمارس صورة من صور الأمانة التي أمرك الله بها. فإذا استقر هذا المعنى في قلبك، تحوّل الحذر من عادة إلى عبادة.
وأردف: يا من يعرف قيمة التمهل، في زمن السرعة المفرطة، يبدو البطء عيبًا، لكنه في التحري عن الحق فضيلة. البطء المقصود يمنحك وقتًا لمراجعة النصوص، وسؤال أهل العلم، وفحص الأدلة. والنفس التي تتعوّد على البطء في الحكم على المعلومة الدينية، تصنع لنفسها وقاية من الانجرار وراء الأكاذيب المنمقة. فإياك أن تفسد عبادة أو عقيدة بتسرعك.
وأكد: أيها العاقل، كما يحتاج الجسد إلى مناعة ضد الأمراض، يحتاج العقل إلى مناعة ضد المعلومات المسمومة. هذه المناعة تبنى بالقراءة في الكتب الموثوقة، وسماع العلماء، ومعرفة القواعد الكبرى في الشريعة. فإذا كانت لديك قاعدة علمية راسخة، ستكتشف الغريب والمريب في كلام الذكاء الاصطناعي حتى قبل البحث عن مصدره. يا من يزن الأمور بميزان الشرع، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون معينًا لك في جمع المعلومات أو تلخيصها، لكنه ليس عالمًا ولا مفتياً ولا واعظًا. إذا عاملته كأداة، نفعك، وإذا عاملته كمرجع نهائي، أفسد عليك دينك. واعلم أن الأداة مهما بلغت قوتها تبقى محكومة بمن صنعها ومحدودة بما دُربت عليه.
الدين لا يختزل في نصوص جامدة
أيها المتأمل في حقيقة الدين، الوعظ والإفتاء والتوجيه الديني ليست معلومات تُلقى في الهواء، بل هي تربية للروح، وإصلاح للقلب، وتزكية للنفس. هذه المعاني لا تستطيع الآلة أن تمنحك إياها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. الدين لا يختزل في نصوص جامدة، بل يعيش في القلوب الحية التي تخشع عند ذكر الله، وهذا ما يميز العالم الرباني عن أي منظومة ذكية. يا من يحمل أمانة الكلمة، أن تنقل المعلومة من الذكاء الاصطناعي دون مراجعة، كأنك توقّع على بياض على ورقة لم تقرأها. المسؤولية أمام الله تحتم عليك أن تكون أمينًا فيما تنشر، وأن تتحقق من صدقه، وإلا كنت سببًا في نشر الباطل ولو لم تقصده. الأمانة في العلم ثقيلة، ومن حملها بلا تحقق فقد خان الأمانة.
أيها الحريص على السلامة، قبل أن تقبل أي معلومة دينية، ضع لنفسك "خط أمان" لا تتجاوزه إلا إذا تحققت من المصدر وسألت أهل العلم. هذا الخط النفسي يحميك من الانجرار وراء أي نص منمق أو فتوى جاهزة. وإذا اعتادت نفسك على هذا الضابط، أصبحت أكثر وعيًا وأقل عرضة للانخداع.
وقال محمد حبيب: يا من لا يرضى أن يكون مقلدًا، لا تتعامل مع إجابات الذكاء الاصطناعي بروح المستهلك السلبي، بل بعقل الناقد الواعي. انظر إلى كل معلومة بعين الفحص: هل هي متسقة مع القواعد الشرعية؟ هل تنسجم مع نصوص القرآن والسنة؟ هل صاحبها ذكر مصدره؟ هذه العادة تجعل عقلك في يقظة دائمة، فلا تمرّ الأكاذيب من بين يديك.
ونبه: أيها المربي لأهلك، أبناؤك أكثر عرضة للانبهار بالتقنية، فاجعلهم يتقنون لغة السؤال: "كيف عرفت؟ من أين هذا؟ هل هو صحيح؟" هذه الأسئلة الصغيرة تبني في داخلهم جدارًا من الحماية النفسية والفكرية، وتجعلهم أكثر وعيًا في استخدام التقنية بدل أن يكونوا أسرى لما يُلقى إليهم.
وشدد: يا من يدرك الحساب.... في النهاية، كل ما تسمعه أو تنشره في الدين ستُسأل عنه يوم القيامة. لن تُعفى من المسؤولية لأنك أخذت المعلومة من "روبوت"، فالله لم يكلّف الآلة، بل كلفك أنت. هذا الوعي بالمسؤولية يزرع في قلبك الحذر، ويجعلك ترى أن كل كلمة تكتبها أو تشاركها هي شهادة، إما أن تكون لك أو عليك.