طارق فهمي: قبول إسرائيل لمقترح الهدنة نتيجة ضغوط داخلية واقتصادية متزايدة

أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تمثل حلقة متجددة من الصراع المستمر، وأنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالضغوط الداخلية التي تواجه الحكومة الإسرائيلية، وخاصة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في اتخاذ القرارات الصعبة المتعلقة بالسياسات الأمنية والعسكرية.
وأوضح فهمي خلال مداخلته في برنامج الحياة اليوم ،أن الحديث عن مقترح الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل ليس مجرد اتفاق عسكري، بل هو انعكاس لأزمة أعمق تواجه الحكومة الإسرائيلية، حيث تسعى الأخيرة لتخفيف الضغط الداخلي والسياسي بعد سلسلة من الأزمات التي هزت استقرار صنع القرار.
أسباب قبول إسرائيل لمقترح الهدنة
أكد الدكتور فهمي أن إسرائيل اضطرت لقبول مقترح الهدنة نتيجة الضغوط الداخلية المتزايدة، والتي شملت احتجاجات شعبية وانتقادات من قوى سياسية داخلية، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية والأمنية للعمليات العسكرية الطويلة.
وأشار إلى أن قبول الهدنة يأتي أيضًا في إطار التفاوض على إخلاء سبيل الأسرى الفلسطينيين المحتجزين لدى حركة حماس، وهو ما يمثل خطوة رمزية وسياسية مهمة لكلا الطرفين، ويساعد على تهدئة الأوضاع الإنسانية في القطاع.
موقف القوى الفلسطينية من مقترح الهدنة
شدد فهمي على أن القوى الفلسطينية المختلفة، بما فيها الفصائل خارج قطاع غزة، تؤكد ضرورة عدم تفرد حماس بالمشهد، مشيرًا إلى أن أي اتفاق هدنة يجب أن يكون تحت مظلة شاملة تمثل جميع الأطراف الفلسطينية.
وقال إن هذا التوجه يعكس حرص الفصائل على الحفاظ على وحدة القرار الفلسطيني، ومنع أي جهة من السيطرة على المشهد السياسي والعسكري بشكل منفرد، وهو ما يضمن أيضًا استقرار العملية التفاوضية مستقبلاً.
الضغوط الداخلية على نتنياهو وحكومته
أوضح الدكتور فهمي أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو واجهت أزمة صنع قرار غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة، بسبب الضغوط الداخلية والمظاهرات المتكررة والمطالبة بوقف العمليات العسكرية أو إعادة النظر فيها.
وأشار إلى أن هذه الضغوط ساهمت في دفع الحكومة الإسرائيلية نحو قبول مقترح الهدنة، خاصة بعد الفشل في تحقيق أهداف العمليات العسكرية بسرعة، والتحديات السياسية أمام نتنياهو للحفاظ على تحالفاته الحكومية.
تأثير الهدنة على الأوضاع الإنسانية في غزة
أكد فهمي أن أي هدنة بين الطرفين ستسهم في تحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والكهرباء، بعد أن عانت المناطق من استمرار القصف والحصار.
وأضاف أن الهدنة تعطي فرصة للجهات الإنسانية للتدخل، وتخفف من معاناة السكان المدنيين، وهو جانب إنساني وسياسي في آن واحد يعكس ضغط المجتمع الدولي على الطرفين للتوصل إلى حلول عاجلة.
التحديات المستقبلية لمراقبة تطبيق الهدنة
أشار الدكتور فهمي إلى أن مراقبة تنفيذ أي اتفاق هدنة يمثل تحديًا حقيقيًا، مشددًا على أهمية وجود آليات رقابية دولية وفلسطينية لضمان التزام الطرفين ببنود الاتفاق، ومنع أي خروقات قد تؤدي إلى تصعيد جديد.
وأضاف أن هذا الملف يحتاج إلى متابعة دقيقة من جميع الأطراف، لأن أي إخلال بالهدنة قد يعيد الوضع إلى دائرة العنف، ويزيد من هشاشة الوضع الإقليمي.
الخلاصة: اتفاقية هدنة تحت ضغط الواقع السياسي
ختم الدكتور طارق فهمي حديثه مؤكدًا أن مقترح الهدنة بين حماس وإسرائيل يمثل نتيجة حتمية للضغوط الداخلية والسياسية على الحكومة الإسرائيلية، وموقف الفصائل الفلسطينية يؤكد ضرورة وحدة القرار الفلسطيني وعدم تفرد أي طرف بالقطاع.
وأضاف أن المستقبل يعتمد على نجاح هذه الهدنة في تحقيق تهدئة فعلية وتحسين الأوضاع الإنسانية، مع مراقبة دقيقة لتطبيق بنود الاتفاق، وهو ما سيحدد ملامح المرحلة القادمة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.